تزوّدوا من اُمّكم ، فهذا الفراق ، واللقاء الجّنة». فأقبل الحسن والحسين عليهماالسلام وهما يناديان : «وا حسرةً لا تنطفئ أبداً من فقد جدّنا محمّد المصطفى واُمّنا فاطمة الزهراء!». فقال أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام : «إنّي اُشهدُ الله أنّها قد حنّت وأنّت ، ومدّت يديها وضمّتهما إلى صدرها مليّاً ، وإذا بهاتف من السّماء ينادي : يا أبا الحسن ، ارفعهما فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات» (١).
وذكرت أكثر الروايات أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام حضرا مراسم الصلاة على جنازة اُمّهما عليهاالسلام ، وتولّى غسلها وتكفينها أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأخرجها من بيتها ومعه الحسن والحسين في الليل ، وصلّوا عليها ... (٢).
لقد فجع الحسين عليهالسلام وخلال فترة قصيرة بحادثتين عظيمتين مؤلمتين :
الاُولى : وفاة جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله.
والثانية : استشهاد والدته فاطمة بنت الرّسول صلىاللهعليهوآله بعدما جرى عليها من أنواع الجفاء والظلم.
وإذا أضفنا إلى ذلك مأساة غصب حقوق أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام ، ومأساة إبعاده عن المسرح السياسي ليصبح جليس بيته ، تجلّت لنا شدّة المحن والمصائب التي أحاطت بالحسين عليهالسلام وهو في صغر سنّه.
ولقد تعمّقت مصائب الإمام الحسين عليهالسلام بسبب أنواع الحصار المفروض من قِبل خطّ الخلافة وقتذاك على أصحاب الرّسول صلىاللهعليهوآله الأوفياء لخطّه الرسالي ، وعلى علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهالسلام بشكل خاص ، مثل منع الخمس وسائر الحقوق من الوصول إليه ، كما تجلّى ذلك بوضوح في تأميم «فدك» ، والذي كان من أهدافه ممارسة ضغوط مالية اُخرى على أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله وأبناء أمير المؤمنين عليهمالسلام.
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٣ / ١٧٩.
(٢) المصدر السابق / ٢١٢.