ورأى الإمام الحسن عليهالسلام أن ينهض بالاُمّة مواصلاً مسيرة الإصلاح ومواجهة الانحراف ، ولكنّ الجموع آثرت السّلامة والركون إلى الراحة (١) ، فاضطرّ الإمام الحسن عليهالسلام إلى الصلح والمهادنة مع معاوية ـ وهو المتحصّن القويّ في بلاد الشام ـ على شروط وعهود مهمّة ؛ ليضمن سلامة الصّفوة الخيّرة من الاُمّة ، وليبني قاعدة جماهيرية أكثر وعياً وأعمق إيماناً برسالتها الإسلاميّة ، كي لا يُمسخ المجتمع المسلم ولا تُمحق الرسالة ؛ إذ ليس السيف دائماً هو الفيصل في حالات النزاع ، فربما كان للكلمة والمعاهدة أثر أبلغ في مرحلة خطرة ، حيث الهدف هو صيانة الرسالة الإسلاميّة وحفظ الاُمّة الإسلاميّة في كلّ الأحوال ، وليتّضح دور النفاق والعداء الذي كان يتّسم به بنو اُميّة وما كان يُضمِرهُ حكّامهم للإسلام.
ولقد وقف الإمام الحسين عليهالسلام إلى جانب أخيه الإمام الحسن عليهالسلام وعايش جميع الأحداث التي مرّ بها أخوه ، وكانا على اتّفاق تامّ في الرأي والموقف ، يُعاضده في توجيه الاُمّة وإنقاذها بعد أن رأى كيف أنّ انحراف السّقيفة تكاملت أدواره في هذه المرحلة ، وقد سرى هذا الانحراف في جسد الاُمّة حتّى غدت لا تتحفّز لنهضة الإمام الحسن عليهالسلام ولا تستجيب لأوامره.
وأحاط الإمام الحسن عليهالسلام بكلّ ما دبّره معاوية من المكائد والدسائس ، وأصبحت الأكثرية من جيش العراق في قبضة معاوية بن أبي سفيان وطغمته ، بعد أن كان يُمثّل جيش العراق العمود الفقري لجيش الإمام عليّ عليهالسلام.
ولم يكن ليخفى على الإمام الحسين عليهالسلام أنّ المعركة ـ لو قدّر للإمام الحسن أن يدخلها مع معاوية ـ ستكون لصالح الأخير ، وستنتهي حتماً إمّا بقتل
__________________
(١) الإرشاد ـ للمفيد / ٨ ـ ٩.