«ذهب بحقك الذي قتله». ثم قال للوليد : «قم إلى الرّجل فاقضه من حقه ، فإني اريد أن أبرّد عليه جلده [الذي] (١) كان باردا» (٢).
فإن ظاهر قوله عليهالسلام : «ذهب بحقّك الذي قتله» ، يعطي انتقال الدين إلى ذمة القاتل وأنه هو المطالب به. واحتمال التجوّز باعتبار حيلولة القاتل بينه وبين وفاء الدين بسبب قتله ، فكأنه ذهب به ينافيه قوله عليهالسلام : «أريد أن أبرد جلده [الذي] (٣) كان باردا» فإنه يقتضي براءة ذمته من الدّين كما هو ظاهر. وإن إعطاء الإمام عليهالسلام عنه ذلك إنما هو تفضل وتكريم للمعلّى ، وإلّا فذمّته خلية وعهدته برّية.
وبالجملة ، فظاهر الخبر ، الدلالة على ما قلنا إلا بتكلف وإخراج عن الظاهر ، وارتكاب التأويلات وإن بعدت ، والتكلّفات وإن غمضت غير عسير ، إلّا إن الاستدلال إنما يبنى على ظاهر المقال ، وارتكاب التأويل إنما يكون عند معارض أقوى في ذلك المجال ، وهو هنا مفقود كما لا يخفي على ذوي الكمال.
نعم ، الحكم المذكور غريب ؛ لعدم تصريح أحد من معتبريهم به ، بل ربما كان فيه نوع مخالفة لمقتضى القواعد المقررة عندهم من عدم عدّ القتل في النوافل الشرعية إلّا إن مثله في الأحكام الشرعية غير عزيز ؛ فإنه قد دلت الأخبار وصرّح به الأصحاب على انه لو أوصى شخص إلى آخر ومات قبل بلوغ الخبر الوصي ، وجب على الوصي القبول والقيام بما أوصى بما الميت إليه. وفيه ـ كما ترى ـ إثبات حق وإيجابه على الغير من غير موجب ، سوى تعيين الميّت وجعله وصيّا ، وهو مخالف لمقتضى قواعدهم أيضا ، فإنه لم يعهد في الأحكام الشرعية اشتغال ذمة شخص بمجرد قول شخص آخر ، وإثبات يد وتسلط على من لا سبيل عليه بوجه شرعي.
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : وإن.
(٢) الكافي ٥ : ٩٤ / ٨ ، باب الدين.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : وإن.