أوجب حدوث حالة متوسطة بين الطهارة والنجاسة في كل واحد من ذينك الإناءين على حدة ، فهو ليس بمتيقن الطهارة ولا متيقن النجاسة ، وحينئذ فهو من باب نقض اليقين بيقين مثله.
وأما ما ذكره السيد قدسسره من أن اجتناب النجس لا يقطع بوجوبه إلّا مع تحققه بعينه (١) فمردود بأن الأخبار ـ كما عرفت ـ ممّا قدمنا في الصور المعدودة وغيرها ممّا سيأتي في المقام الآتي إن شاء الله تعالى ، كما أنها دلّت على وجوب الاجتناب مع اليقين دلّت على وجوب الاجتناب مع الاشتباه بمحصور. وقياس هذه المسألة على مسألة واجدي المني في الثوب المشترك قياس مع الفارق ؛ لوجود النصوص الدالة على الاجتناب في هذه المسألة ونظائرها ـ كما عرفت ـ وعدم النص في تلك المسألة على ما ذكره الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ فيها من الأحكام.
فإن قيل : كلام الأصحاب وإن كان من غير نص في الباب ليعترض به هنا ، فينبغي أن يقبل ما ذكروه في هذه المسألة مع اعتضاده بالنصوص والنظائر المذكورة بالإجمال والخصوص ، وإلّا فلا معنى للإيراد بكلامهم.
على أنا نقول : إنه حيث لا نص عندهم في تلك المسألة فمن الجائز أن يكون حكمها شرعا هو الدخول تحت هذه الكلية المعتضدة بالنصوص الجلية (٢) ، وإيجاب الغسل على كل من الواجدين للمني.
وبالجملة ، فالإيراد بالمسألة المذكورة إنما يتم لو اعتضد ما ذكروه فيها بالنص ليدافع ما أوردناه من النصوص. وأما قوله : (والفرق بين غير المحصور والمحصور غير واضح) ، ففيه أنا قد أشرنا في صدر الكلام إلى وجه الفرق بينهما ،
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٢) من «ح».