الواقع حلال وبعضها حرام ، مثل اللحم بعضه ذكي وبعضه ميتة ، والأمتعة ، والفواكه ونحوها في أيدي المسلمين ، وأسواقهم فيها المغصوب والسرقة والمملوك ، فكل فرد من تلك الأفراد رأيته حكمت عليه بالحلية ، حتى تعلم أنه حرام. يدل على ذلك قوله عليهالسلام في موثقة مسعدة بن صدقة : «وذلك مثل الثوب» إلى آخر الرواية.
فإن جميع تلك الأمثلة التي أوردها عليهالسلام إنما هي من قبيل غير المحصور كما ذكرناه.
لا يقال : إن التمثيل لا يخصص عموم الحكم المستفاد من صدر الخبر.
لأنا نقول : إن اريد أن التمثيل بخصوص هذه الأمثلة المذكورة في الخبر لا يخصص فمسلم ولكن لا يضرنا ، وإن اريد التمثيل بها وبما كان من قبيلها من الامور الغير المحصورة فهو ممنوع. كيف ، والأمثلة إذا ذكرت بعد القواعد الكلية صارت موضحة لها ومبيّنة لها ، فتحمل تلك القواعد عليها وعلى نظائرها؟ ألا ترى أنه لو قال القائل : أكرم الناس مثل العلماء ، فإنه لم يتبادر منه إلّا الأمر بإكرام العلماء خاصة من بين أصناف الناس؟
وبالجملة ، فالقدر المقطوع به من الخبر الذي لا يعتريه الشكّ في صحيح النظر إنما هو ما ذكرناه ، كما يشهد به أيضا قوله عليهالسلام في آخر الخبر المشار إليه بعد تعداد تلك الأمثلة (١) : «والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين [لك] غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة» (٢).
وهذه العبارة في الحقيقة عند التأمل هي معنى قوله عليهالسلام في صدر الخبر : «كل شيء هو لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه فتدعه» أعادها عليهالسلام تأكيدا وإيضاحا.
__________________
(١) في «ح» بعدها : المذكورة.
(٢) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠ ، باب نوادر كتاب المعيشة ، وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٢.