شأنه إذا لم يعلم صاحبه ولا قدره.
وحينئذ ، فالواجب في هذه الرواية هو حملها على ما دلّت عليه تلك الأخبار وحمل المطلق على المقيّد ، كما هي القاعدة المعروفة والطريقة المألوفة.
ويحتمل أيضا ـ ولعلّه الأقرب ـ أن الإمام عليهالسلام نظر إلى ما صرفه من وجوه البرّ والخيرات وعرف بقرينة المقام ، وما استفاده من ذلك الكلام أنه قد بلغ الخمس أو زاد عليه ، فنفي البأس عن الباقي حينئذ. ولا ينافي ذلك قوله عليهالسلام في صدر الخبر : «إنّ الخطيئة لا تكفر الخطيئة» ؛ لأن المفروض في صدر الخبر ـ كما هو ظاهر الكلام ـ أن جملة ذلك المال كان حراما ، ومتى كان كذلك ، فإن الحكم الشرعي في مثله مع جهل صاحبه أن يتصدق به كملا كما تضمنته الأخبار العديدة.
وحينئذ ، فتصدقه ببعضه ليأكل الباقي حلالا بزعمه ليس في محله ، وأما إذا اختلط بالحلال ، فإن الحكم فيه التصدق بالخمس فيحل له الباقي. فحاصل كلامه عليهالسلام أن فعله ذلك وتصدقه مع كون المال كملا حراما لا يفيد حل الباقي منه.
نعم ، لو اختلط بالحلال أفاد تصدقه منه إذا بلغ مال الصدقة خمس المال المشار إليه. ويؤيد ما قلناه فصل هذه الجملة عما تقدم بقوله : (ثم قال) ، فإنه يعطي أنه فرض منه عليهالسلام وإن لم يكن مال ذلك الرجل كذلك.
لا يقال : إنه لم يذكر في الخبر كون ما صرفه في ذلك الذي حملتموه على الخمس في بني هاشم الذين هم المصرف المعيّن شرعا للخمس.
لأنّا نقول : ظاهر الأخبار المتقدمة كما صرّح به غير واحد من أفاضل متأخّري المتأخّرين منهم السيد السند في (المدارك) (١) ، والمحدث الكاشاني في (الوافي) (٢) أن مصرف هذا الخمس لا يختص ببني هاشم.
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ٣٨٨.
(٢) الوافي ١٠ : ٣١٦.