وروى في الكتاب المذكور أنه جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن بلالا كان يناظر اليوم فلان فجعل يلحن في كلامه ، وفلان يعرب ويضحك من بلال. فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «يا عبد الله ، إنما يراد إعراب الكلام وتقويمه لتقويم الأعمال وتهذيبها ، ما ينفع فلان إعرابه وتقويمه لكلامه إذا كانت أفعاله ملحونة أقبح لحن؟ وما يضر فلان لحنه في كلامه إذا كانت أفعاله مقومة أحسن تقويم ومهذبة أحسن تهذيب؟» (١).
قال : (مع أنا نجد في أدعية أهل البيت عليهمالسلام ألفاظا لا نعرف معانيها ، وذلك كثير ـ فمنه أسماء وأقسامات ؛ ومنه أغراض وحاجات ، وفوائد وطلبات ، فنسأل من الله بالأسماء ، ونطلب منه تلك الأشياء ، ونحن غير عارفين بالجميع ، ولم يقل أحد : إن مثل هذا الدعاء إذا لم يكن معربا يكون مردودا مع أن فهم العامي لمعاني الألفاظ الملحونة أكثر من فهم النحوي لمعاني دعوات عربية لم يقف على تفسيرها ولغاتها ، بل عرف مجرد إعرابها ، بل الله سبحانه يجازيه على قدر قصده ، ويثيبه على قدر نيته ، لقوله صلىاللهعليهوآله : «إنما الأعمال بالنيات» (٢) ، وقوله : «نية العبد خير من عمله» (٣)) (٤). هذا ملخص ما ذكره قدسسره.
أقول : لا يخفى أن الظاهر من الخبر المنقول خلاف ما ذكره قدسسره ؛ لأن ظاهره أن المراد من العالم الفصيح القادر على الإتيان بالقراءة والدعاء ونحوهما على وجوهها من إعراب وغيره لا يجزيه غير ذلك ، وجهله لا يكون عذرا شرعيا
__________________
(١) عدّة الداعي : ٢١ ـ ٢٢.
(٢) الأمالي (الطوسي) : ٦١٨ / ١٢٧٤ ، وسائل الشيعة ١ : ٤٨ ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب ٥ ، ح ٦ ، وليس فيه : إنما.
(٣) الكافي ٢ : ٨٤ / ٢ ، باب النيّة ، وسائل الشيعة ١ : ٥٠ ، أبواب مقدمة العبادات ، ب ٦ ، ح ٣ ، وفيهما : المؤمن ، بدل : العبد.
(٤) عدّة الداعي : ٢١ ـ ٢٢.