موجبا لصحة قراءته ، ولا استجابة دعائه. وهذا هو صريح الخبر الذي نقلناه عن أبي جعفر عليهالسلام فإنه عليهالسلام جعل فضل ذلك الرجل عند الله سبحانه بقراءة (القرآن) كما انزل ، ودعاء الله عزوجل من حيث لا يلحن. وجميع ما أورده من الأدلة والتأويلات محل نظر ظاهر : أما قوله ـ في معنى قوله عليهالسلام : «إنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله» ـ : (أي لا يصعد إليه ملحونا) ـ إلى آخره ـ ففيه أن محلّ الاستدلال إنما هو ما ذكرناه من بيانه عليهالسلام لفضل ذلك الرجل ، فجعل فضله من حيث إنه يقرأ (القرآن) كما انزل ، ويدعو الله عزوجل من حيث لا يلحن. وحينئذ ، فلو لم يقرأ (القرآن) كما انزل ولحن في دعائه لم يكن له فضل. والمراد بالفضل عند الله سبحانه هو الثواب كما لا يخفى.
وحينئذ ، فقوله عليهالسلام بعد ذلك : «إن الدعاء الملحون لا يصعد» إنما هو تعليل لوجه الفضل في دعائه من حيث لا يلحن ، ففيه حث وتأكيد على الأمر بالإعراب في الدعاء والقراءة كما لا يخفى.
وأمّا استدلاله برواية السكوني فليس في محله ؛ لأنها أخص من المدعى ، ونحن لا نمنع أنه مع تعذر الإعراب عليه ، وإخراج الحروف من مخارجها فإن قراءته صحيحة ، ودعاءه صحيح مستجاب ، وكله مخصوص بعدم الإمكان. ومثله حديث : «إن سين بلال عند الله شين» ، بمعنى أنه يتعذّر عليه إخراج الشين من مخرجها الحقيقي ويخرجها سينا مهملة.
وأما الحديث الذي نقله عن أمير المؤمنين عليهالسلام في مناظرة بلال لذلك الرجل ، وقول أمير المؤمنين عليهالسلام ما قال ، فهو بالدلالة على خلاف ما يدعيه أنسب ، وذلك فإن ظاهر الخبر أن ذلك الرجل الذي كان يناظر بلالا إنما كان من المخالفين