لأمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو عليهالسلام قد ذكر بأنّه : «إنما يراد إعراب الكلام وتقويمه ، لتقويم الأعمال وتهذيبها».
وهذا ممّا ينادي بظاهره على اشتراط الإعراب في قراءة (القرآن) والدعاء والأذكار ونحوها ، وأن تقويمها الموجب لتقويم الأعمال وتهذيبها ـ أي قبولها عند الله عزوجل ـ إنما يحصل به. ثم أخبر عليهالسلام عن ذلك الرجل بأن أفعاله لمّا كانت غير مقبولة عند الله سبحانه لقبح ما هو عليه ، فهي ملحونة أقبح لحن لا يؤثر في رفع لحنها (١) تقويمه لكلامه بالإعراب في قراءة ولا دعاء ولا نحوهما.
وأما بلال فهو بالعكس ، فلا يضره عدم تقويم كلامه وإن كان غير جائز إلّا إنه لا يؤثر في حسن أعماله ولا يقبّحها ، بل هو مكفر بتلك الحسنات التي له (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (٢).
وأما ما ذكره من (أنا نجد في أدعية أهل البيت عليهمالسلام) ـ إلى آخره ـ فليس في محله ؛ لأن الكلام إنما هو فيما دلت عليه تلك الأخبار من اشتراط الإعراب على القادر عليه ، وأن الجهل به لا يكون عذرا شرعيا ، والخروج عنها يحتاج إلى دليل ، وجميع ما ذكره رحمهالله تطويل بلا طائل.
وأما خبر : «إنما الأعمال بالنيات» ، ونحوه ، فهو لا ينافي التوقف على امور اخر خارجة عن النية إذا قام الدليل عليها ، وإلّا لصحت صلاة الجهّال بمجرد النيات وإن أخلّوا فيها بالواجبات.
ثم العجب من شيخنا المحدّث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح قدسسره في كتاب (منية الممارسين في أجوبة الشيخ ياسين) (٣) أنه نقل هذا الكلام وصحّحه
__________________
(١) في «ح» : دفع قبحها ، بدل : رفع لحنها.
(٢) هود : ١١٤.
(٣) منية الممارسين : ٤٥٧ ـ ٤٦٣.