الشرعية لم تبن على ما في نفس الأمر والواقع ، والنكاح الذي وقع أخيرا وقع صحيحا بحسب ظاهر الشرع ، وإبطاله بما حصل في نفس الأمر مشكل ؛ لما ذكرناه. ولكن لمّا دلّت الأخبار ـ كما ذكرنا ـ على خلافه وجب الخروج عنه.
إلّا إنه أيضا قد روى ثقة الإسلام ـ عطر الله مرقده ـ في (الكافي) في الصحيح ـ وإن كان المشهور عدّه في الحسن بإبراهيم بن هاشم ، إلّا إن الأظهر عندي وفاقا لجمع من أفاضل متأخّري المتأخّرين (١) نظم حديثه في الصحيح ـ عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام ، أنه قال في رجل طلّق امرأته وأشهد شاهدين ، ثم أشهد على رجعتها سرّا منها واستكتم الشهود ، فلم تعلم المرأة بالرجعة ، حتى انقضت عدّتها ، قال : «تخيّر المرأة ، فإن شاءت زوجها وإن شاءت غير ذلك ، وإن تزوّجت قبل أن تعلم بالرجعة التي أشهد عليها وزوجها ، فليس للذي طلقها عليها سبيل ، وزوجها الأخير أحقّ بها» (٢). وهي كما ترى صريحة فيما ذهب إليه شيخنا الشيخ علي المذكور.
ولعلّ اعتماده فيما ذهب إليه كان على هذه الرواية الصحيحة الصريحة ، وإن لم ينقل ذلك عنه ، فإنه في الاطلاع على الأخبار وزيادة الفحص فيها ممّا لا ثاني له في زمانه ، حتى اشتهر في بلاد العجم تسميته بـ (أم الحديث).
ورأيت في بعض الحواشي المنسوبة إلى شيخنا العلّامة المجلسي قدسسره على هذا الخبر ما صورته : (ظاهره اشتراط علم الزوجة في تحقق الرجعة ، ولم أر به قائلا ،
__________________
(١) روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه ١٤ : ٢٣ ، معراج أهل الكمال : ٧٨ ، وفيه : عن الشيخ البهائي عن والده أنه سمعه يقول : إنّي أستحي ألّا أعدّ حديث إبراهيم بن هاشم من الصحاح.
(٢) الكافي ٦ : ٧٥ / ٣ ، باب أن المراجعة لا تكون إلّا بالمواقعة ، وسائل الشيعة ٢٢ : ١٣٧ ، كتاب الطلاق ، ب ١٥ ، ح ٢.