«وكان المقداد في الثامنة ، وأبو ذر في التاسعة ، وسلمان في العاشرة» (١).
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة على هذا المضمون.
وتفصيل ذلك وبيانه أن الإيمان إنما يكون بقدر العلم بالله عزوجل الذي هو حياة القلوب ، وهو نور يحصل في القلب ، كما ورد : «ليس العلم بكثرة التعلم ، وإنما هو نور يقذفه الله عزوجل في قلب من يريد هدايته» (٢).
وهذا النور قابل للشدة والضعف ؛ بسبب صقل مزايا القلوب بالطاعات والعبادات والرياضات والمجاهدات ، وإزالة ما تراكم عليها من الصدأ والخبث بقاذورات المعاصي والشهوات وعدم ذلك.
وكلما ازداد صقلها بما ذكرناه ازدادت نورانية القلب ، وبه يزداد صاحبه في المعرفة ، ويرتفع من درجة من تلك الدرجات
إلى ما فوقها حتى يصل إلى ما وفّق له ، وكتب له (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٣).
وفي الحديث النبوي : «من علم وعمل بما علم ، ورّثه الله علم ما لم يعلم» (٤).
وبذلك يظهر لك ما في كلام المحقق المذكور قدسسره في المرتبة الثالثة المخصوصة بالخلّص من المؤمنين ، فإنه بناء على ما قدّمنا تحقيقه من سقوط المرتبتين الاوليين من كلامه يلزم أن يكون ما عدا خلّص المؤمنين ممّن نقص درجة عنهم غير موجود في المراتب المذكورة.
وبالجملة ، فكلامه قدسسره وإن تلقّاه جملة من علمائنا ـ رضوان الله عليهم ـ بالقبول ، إلّا إنه لا ينطبق كما عرفت على أخبار آل الرسول صلىاللهعليهوآله ، التي هي المعتمد في كل معقول ومنقول. وهذه المرتبة الثالثة التي ذكرها قدسسره هي من أعلى درجات
__________________
(١) الخصال ٢ : ٤٤٧ ـ ٤٤٨ / ٤٨ ـ ٤٩ ، باب العشرة.
(٢) علم اليقين : ٨.
(٣) العنكبوت : ٦٩.
(٤) حلية الأولياء ١٠ : ١٥ ، وفيه : عمل ، بدل : علم وعمل.