به هذا القائل في تفسيره المشار إليه في بيان معناها المراد منها هو ما صورته : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ) (١) : ولكل قوم قبلة وملة وشرعة ومنهاج يتوجهون إليها (هُوَ مُوَلِّيها) : الله مولّيها إياهم) (٢) ، ولم يذكر في تفسيره هذا المعنى الذي ذكره هنا ، فيكون إنما حمله عليه هنا تصحيح غرضه وميل هواه إلى ذلك ، حسبما حمل عليه تلك الأخبار وكفى به عارا وأيّ عار.
ولو قيل : إنّه إنما ذكر ذلك نقلا عن غيره.
قلنا : نسبة ذلك القائل إلى كونه [من] أهل المعرفة يؤذن بجموده على ذلك واختياره له وقوله بمضمونه. وهذا من جملة ما أشرنا إليه في اغترارهم بأنفسهم وولوجهم في ذلك الباب الذي قد أسدلت الأخبار المعصوميّة دونه الستر والحجاب.
والتحقيق في بيان معنى الفناء في الله سبحانه هو أن أهله لا يلاحظون في الوجود سواه سبحانه وتعالى ولا يرون إلّا ذاته ، وجميع الأعيان (٣) تلاشت في أنظارهم ، فيستدلون على الخلق بالله حيث إنه أظهر الموجودات لا بالخلق عليه سبحانه. ومن هنا قال سيّد الشهداء وإمام السعداء ـ صلوات الله عليه ـ في دعاء عرفة : «كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟ أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك؟! متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟! ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك؟ عميت عين لا تراك ولا تزال عليها رقيبا ، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا».
وقال عليهالسلام (٤) : «تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء».
__________________
(١) البقرة : ١٤٨.
(٢) التفسير الصافي ١ : ٢٠٠.
(٣) في «ح» بعدها : قد.
(٤) في «ح» بعدها : أيضا.