وسائر الحيوانات المألوفة ، وكلّها شواهد قاطعة ، ولا يحس بشهادتها ؛ لطول الانس بها.
ولو فرض أكمه بلغ عاقلا ثم انقشعت الغشاوة عن عينه فامتدّ بصره إلى السماء والأرض والأشجار والنبات والحيوان دفعة واحدة على سبيل الفجأة ، [لخفيف] (١) على عقله (٢) أن ينبهر لعظم تعجبه من شهادة هذه العجائب على خالقها. فهذا وأمثاله من الأسباب مع الانهماك في الشهوات [هو الذي سدّ] (٣) على الخلق سبل الاستضاءة بأنوار المعرفة أو السياحة في بحارها الواسعة) (٤) انتهى.
وهو تحقيق رشيق لا ما ذكره من حاد عن سواء الطريق حتى وقع في لجج المضيق.
ورابعا : أن ما ذكره المحقّق المذكور في الرسالة المذكورة من أن رؤية أولئك الجماعة الذين سمّاهم بأهل الحضور والانس والانبساط من باب المعاينة إن اريد به ما يقتضيه ظاهر هذه العبارة فهو كفر محض ، سواء حمل المعاينة (٥) على المعاينة بالبصر أو البصيرة ، فإن كلا منهما ممّا نفته الأخبار المتقدمة في حق الذات السبحانية. والكلام هنا مفروض في حق ذاته سبحانه كما يعطيه التمثيل بالنار وآثارها في مراتبه التي ذكرها.
ولا ريب أنه لم يبلغ أحد في المعرفة والقرب من الحضرة السبحانية وانكشاف أنوار العظمة الإلهية ما بلغ إليه محمد صلىاللهعليهوآله كقاب (قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) (٦) ، ولم ينقل
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : يخاف.
(٢) في «ح» : قلبه.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : التي سدّت.
(٤) إحياء علوم الدين ٤ : ٣٢٢.
(٥) إن اريد به .. حمل المعاينة ، من «ح».
(٦) النجم : ٩ ـ ١٠.