العمل بدليل العقل ما لم يثبت الناقل. وليس في [الشرع] (١) ما يمنع من استعمال المائعات في الإزالة ولا ما يوجبها. ونحن نعلم أنه لا فرق بين الماء والخل في الإزالة ، بل ربما كان غير الماء أبلغ ، فحكمنا حينئذ بدليل العقل).
ثم قال المحقق قدسسره بعد كلام في البين : (أما نحن فقد فرقنا بين الماء والخل ، فلم يرد علينا ما ذكره علم الهدى) (٢) إلى آخر كلامه.
فانظر إلى موافقته المرتضى فيما نقله عنه من أصالة العمل بدليل العقل في الفروع الشرعية ، وإنما نازعه في هذا الجزئي وحصول الفرق فيه بين الفردين المذكورين.
وبالجملة ، فكلامهم تصريحا في مواضع وتلويحا في اخرى متّفق الدلالة على ما نقلناه ، ولم أر من ردّ ذلك وطعن فيه من أصحابنا سوى المحدّث المحقق السيد نعمة الله الجزائري ـ طيب الله تعالى مرقده ـ في مواضع من مصنفاته ؛ منها في كتاب (الأنوار النعمانية) ، وهو كتاب جليل يشهد بسعة دائرته ، وكثرة اطّلاعه على الأخبار ، وجودة متبحرة في العلوم والآثار ، حيث قال فيه ـ ونعم ما قال ؛ فإنه الحق الذي لا تعتريه غياهب الإشكال ـ : (إن أكثر أصحابنا قد تبعوا جماعة من المخالفين من أهل الرأي والقياس ، ومن أهل الطبيعة والفلاسفة وغيرهم من الذين اعتمدوا على العقول واستدلالاتها ، وطرحوا ما جاءت به الأنبياء عليهمالسلام ، حيث لم يأت على وفق عقولهم ، حتى نقل أن عيسى ـ على نبينا وعليهالسلام ـ لما دعا أفلاطون إلى التصديق بما جاء به أجاب بأن عيسى رسول إلى ضعفة العقول ، وأما أنا وأمثالي فلسنا نحتاج في المعرفة إلى إرسال الأنبياء.
__________________
(١) من المصدر ، وفي النسختين : الأدلة العقلية ، ونقل العبارة في الحدائق ١ : ٤٠٢ ؛ بلفظ : الأدلّة النقليّة.
(٢) المسائل المصريّة (ضمن الرسائل التسع) : ٢١٦.