الثامن : قوله : (وذهابه إلى أن ماء الأواني) ـ إلى آخره ـ فإن فيه أنه وإن لم يصل إليه دليل في ذلك ، ولم يقف على خبر يدلّ على ما هنالك ، فالأولى بمثله ـ ومثل شيخنا المشار إليه الذي قد بلغ في الرفعة وعلوّ الشأن والمكان بمنزلة أوجبت له خروج التوقيعات والمراسلات من صاحب العصر والزمان ـ صلوات الله عليه ، وعجّل الله فرجه ـ وخطابه فيها بما يدلّ على مزيد التعظيم والتبجيل (١) والدرجة العالية عنده والمحلّ الجليل ، كما نقله الطبرسي قدسسره في آخر كتاب (الاحتجاج) (٢) ـ الحمل على محمل السّداد : «احمل أخاك المؤمن على سبعين محملا من الخير» كما ورد عن السادة الأمجاد.
ولعل الشيخ ـ طاب ثراه ـ اطّلع على دليل لم يصل إلينا في ذلك ، فإن عصره لا كهذه الأعصار التي فقدت فيها الأمارات ، وأشكلت فيها الدلالات ، وتفرقت فيها الأخبار. وهذا الشيخ علي بن الحسين بن بابويه والد الصدوق ـ طاب ثراهما ـ قد ذهب إلى مذاهب شاذّة نادرة لم يوجد لها دليل ، ولم تنقل عن غيره من العلماء جيلا بعد جيل ، مع أنه لم يطعن عليه أحد بذلك ، بل كانوا يعدون فتاواه عداد النصوص متى أعوزهم الوقوف عليها بالعموم أو الخصوص ، وشيخنا المفيد ليس ببعيد من عصر الشيخ المشار إليه ، فكيف لا يحسن الظنّ به في ذلك حسبما ذكرنا في الشيخ المذكور ، ولكنه قدسسره قد أولع بالتشنيع والطعن في هذا الكتاب على من تسمّى بالاجتهاد من الأصحاب ، وقد مزج فيه الغثّ بالسمين ، والعاطل بالثمين.
التاسع : قوله : (وذهب ابن أبي (٣) عقيل (٤) إلى عدم انفعال الماء القليل (٥) بورود
__________________
(١) في «ح» : التبجيل والتعظيم.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٥٩٦ ـ ٥٥٩ / ٣٠٦.
(٣) سقط في «ح».
(٤) عنه في مختلف الشيعة ١ : ١٣ / المسألة : ١.
(٥) سقط في «ح».