فسأله عنها ، فأجابه بخلاف ما أجابني ، ثم جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، فلما خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآله رجلان من العراق من شيعتكم قدما يسألان ، فأجبت كل واحد منهما بخلاف (١) ما أجبت به صاحبه؟ فقال : «يا زرارة ، إن هذا خير لنا ولكم ، فلو اجتمعتم على أمر لصدقكم الناس علينا ، ولكان أقل لبقائنا وبقائكم».
قال : ثم قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : شيعتكم لو حملتموهم على الألسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين؟ قال : فأجابني بمثل جواب أبيه (٢).
أقول : انظر إلى صراحة هذا الخبر في اختلاف أجوبته عليهالسلام في مسألة واحدة في مجلس واحد وتعجب زرارة. ولو كان الاختلاف إنما وقع لموافقة العامة لكفى جوابا واحدا بما هم عليه يومئذ ، ولما تعجب زرارة من ذلك ؛ لعلمه بفتواهم عليهمالسلام أحيانا بما يوافق العامة تقية.
وانظر إلى صراحة جوابه عليهالسلام في تعليل الاختلاف بما يؤيد ما قلنا من أنّهم إنما خالفوا بين الشيعة لئلّا يصدّقهم العامة عليهم ، بل يكذبوهم في روايتهم ذلك عنهم عليهالسلام (٣).
ولعل السر في ذلك أن الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين ؛ كل ينقل عن إمامه خلاف ما ينقله الآخر ، سخف مذهبهم في نظر العامة ، وكذبوهم في نقلهم ، ونسبوهم إلى الجهل وعدم الدين ، وهانوا في نظرهم ، بخلاف ما إذا اتّفقت كلمتهم ، وتعاضدت مقالتهم ؛ فإنّهم يصدقونهم ويشتدّ بغضهم لهم ولإمامهم
__________________
(١) في «ح» : بغير.
(٢) الكافي ١ : ٦٥ / ٥ ، باب اختلاف الحديث.
(٣) أحيانا بما يوافق العامة تقيّة .. ذلك عنهم عليهمالسلام ، من «ح».