سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «لا تقبلوا علينا حديثا إلّا ما وافق القرآن والسنة أو تجدوا معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ، فإنّ المغيرة بن سعيد ـ لعنه الله ـ دس في كتب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي ، فاتقوا الله ، ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا وسنة نبينا صلىاللهعليهوآله».
قال يونس : وافيت العراق ، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام ، ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام متوافرين ، فسمعت منهم وأخذت كتبهم وعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله عليهالسلام وقال : «إن أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله عليهالسلام ، لعن الله أبا الخطاب ، وكذلك أصحاب أبي الخطاب ؛ يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام ، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ، فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة ، إنا عن الله وعن رسوله نحدّث ، ولا نقول : قال فلان وفلان فنناقض (١) كلامنا ، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا ، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا ، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا : أنت أعلم وما جئت به. فإن لكلامنا (٢) حقيقة وعليه نورا ، فما لا حقيقة له ولا نور عليه فذلك قول الشيطان») (٣).
أقول : انظر ـ أيّدك الله ـ إلى ما دل عليه هذا الخبر من توقّف يونس في الأحاديث واحتياطه فيها ـ وهذا شأن غيره أيضا كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى ـ وأمرهم عليهالسلام بعرض ما يأتي من الأخبار برواية غير المؤتمنين على (الكتاب) والسنة تحرّزا من تلك الأحاديث المكذوبة. فهل يجوز في العقول السليمة والطباع المستقيمة أن مثل هؤلاء الثقات العدول إذا سمعوا من
__________________
(١) في «ح» : متناقض.
(٢) في المصدر : مع كل قول منّا ، بدل : لكلامنا.
(٣) اختيار معرفة الرجال : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ / ٤٠١.