المجلسي رحمهالله (١) وطائفة ممن أخذ عنه وأتى بعده ، فإنّهم سلكوا من طرق الخلاف بين ذينك الفريقين طريقا وسطا من القولين ، ونجدا أوضح من ذينك النجدين ، وخير الامور أوسطها.
والحق هنا في الكلام على الأخبار صحة وضعفا مع الأخباريين ومتقدمي أصحابنا المجتهدين ، وأنا مبين في هذه الدرة ذلك على وجه الحق واليقين ، وموضحه بالأدلة القاطعة والبراهين ، فأقول :
أولا : قد صرّح شيخنا البهائي في كتاب (مشرق الشمسين) (٢) ، وقبله المحقق الشيخ حسن قدسسرهما في مقدمات كتاب (المنتقى) (٣) بما ملخصه ؛ وهو أن (٤) الداعي إلى تقرير المتأخّرين رضياللهعنه هذا الاصطلاح في تنويع الحديث إلى الأنواع الأربعة هو أنه لما طالت المدة فيما بينهم وبين الصدر الأول ، وبعدت عليهم الشقة ، وخفيت عليهم تلك القرائن التي أوجبت صحة الأخبار عند المتقدّمين ، فضاق عليهم ما كان متسعا على غيرهم ، التجئوا إلى العمل بالظن بعد فقد العلم ؛ لكونه أقرب مجازا إلى الحقيقة عند تعذرها.
وبسبب التباس الأخبار ؛ غثّها بسمينها ، وصحيحها بسقيمها (٥) التجئوا إلى هذا الاصطلاح الجديد ، وقربوا لنا البعيد ، ونوّعوا الحديث إلى الأنواع الأربعة.
وزاد في كتاب (مشرق الشمسين) أنهم ربما سلكوا طريقة القدماء في بعض الأحيان ، ثم عد قدسسره مواضع من ذلك القبيل. هذا خلاصة ما ذكروه في تعليل ذلك.
ونحن نقول : لنا على بطلان هذا الاصطلاح والحكم بصحّة أخبارنا وجوه من الأدلّة التي لا يداخلها عيب ولا علّة :
__________________
(١) ملاذ الأخيار ١ : ٢٧.
(٢) مشرق الشمسين : ٣٠ ـ ٣٢.
(٣) منتقى الجمان ١ : ١٤.
(٤) في «ح» : بعدها : السبب.
(٥) ليست في «ح».