لا يقال : إن إخبارهم بصحة ما رووه في كتبهم ، يحتمل الحمل على الظن القوي باستفاضة ، أو شياع ، أو شهرة يفيد بها ، أو قرينة ، أو نحو ذلك ممّا يخرجه عن محوضة الظن كما أجاب به شيخنا أبو الحسن قدسسره في كتابه (العشرة الكاملة) (١) ، حيث إنه فيه كان شديد التعصب لهذا الاصطلاح وترويج القول بالاجتهاد ، إلّا إن مصنفاته المتأخرة تدلّ على عدوله عن ذلك التعصّب الخارج عن طريق السداد ، وميله إلى الطريقة الوسطى التي أشرنا إليها آنفا.
لأنا نقول : فيه :
أولا : أن أصحاب هذا الاصطلاح ـ كما سمعت من كلام الشيخين المتقدّمين ـ مصرحون بأن مفاد الأخبار عند المتقدّمين هو القطع واليقين ، كما صرحت به عبائرهم على الخصوص والتعيين ، وأنّهم إنما عدلوا عنه إلى الظن ؛ لانسداد الطرق التي كانت مفتوحة لأولئك ؛ وعدم تيسّر ذلك لهم لما ذكروا من بعد الشقة وخفاء القرائن.
وأما ثانيا : ما صرحت به تلك العبارات ، ونصّت [عليه] (٢) من أن مرادهم هو القطع واليقين بثبوت تلك الأخبار عن المعصومين.
فإن قيل : تصحيح ما حكموا بصحته أمر اجتهادي لا يجب تقليدهم فيه ، ونقلهم المدح والذمّ رواية يعتمد عليهم فيها.
قلنا : فيه أن إخبارهم بكون ذلك الراوي ثقة أو كذابا أو نحو ذلك ، إنما هو أمر (٣) اجتهادي استفادوه بالقرائن المطلعة على أحواله أيضا.
الثالث : تصريح جملة من العلماء الأعلام بل أساطين الإسلام ومنهم المعتمد
__________________
(١) العشرة الكاملة : ٢١٥.
(٢) في النسختين : عليهم.
(٣) ليست في «ح».