بابويه القمي ، وكتاب (الكافي) لأبي جعفر الكليني ، فإنه وحده يزيد على ما في الصحاح الستّة للعامة متونا وأسانيد ، وكتاب (مدينة العلم) ، و (من لا يحضره الفقيه) قريب من ذلك ، وكتابا (التهذيب) و (الاستبصار) (١) ، ونحو ذلك بالأسانيد الصحيحة المتصلة المنتقدة والحسان والقوية. فالإنكار بعد ذلك ، مكابرة محضة وتعصب صرف).
ثم قال : (لا يقال : فمن أين وقع الاختلاف العظيم بين فقهاء الإمامية إذا كان نقلهم عن المعصومين وفتواهم عن المطهّرين؟
لأنا نقول : محل الخلاف إما من المسائل المنصوصة ، أو ممّا فرعه العلماء.
والسبب في الثاني اختلاف الأنظار ومبادئها ، كما هو بين سائر علماء الأمة ، وأما الأول فسببه اختلاف الروايات ظاهرا ، وقلّما يوجد فيها التناقض بجميع شروطه.
و (٢) كانت الأئمّة في زمن تقية واستتار من مخالفيهم ، فكثيرا ما يجيبون السائل على وفق معتقده أو معتقد بعض الحاضرين أو بعض من عساه يصل إليه من المناوئين ، أو يكون عاما مقصورا على سببه ، أو قضية في واقعة مختصة بها ، أو اشتباها على بعض النقلة عنهم ، أو عن بعض الوسائط بيننا وبينهم) (٣) انتهى.
ولعمري إنه نفيس يستحق أن يكتب بالنور على وجنات الحور ، ويجب أن يسطر ولو بالخناجر على الحناجر. فانظر إلى تصريحه ، بل جزمه بصحّة تلك الروايات التي تضمّنتها هذه الكتب المعدودة ونحوها. وتخلّصه من الاختلاف الواقع في الأخبار بوجوه تنفي احتمال تطرّق دخول الأحاديث الكاذبة فيها.
ومن ذلك ما صرّح به شيخنا الشهيد الثاني ـ أعلى الله رتبته ـ في (شرح
__________________
(١) في «ح» : وكتاب التهذيب ، بدل : وكتابا التهذيب والاستبصار.
(٢) في «ح» : وقد.
(٣) ذكرى الشيعة ١ : ٥٨ ـ ٦٠.