وقد نقل الشيخ المفيد في إرشاده أن الذين رووا عن الصادق عليهالسلام خاصة من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات كانوا أربعة آلاف رجل (١). ونحو ذلك ذكر ابن اشوبآشوب في كتاب (معالم العلماء) (٢) والطبرسي في كتاب (إعلام الورى).
والجميع قد وصفوا هؤلاء الأربعة آلاف بالتوثيق ، وهو مؤيّد لما ادّعيناه ، ومشيّد لما أسّسناه. فإذا كان هؤلاء الرواة عن الصادق عليهالسلام خاصة ، فما بالك بالرواة عن الباقر إلى العسكري عليهالسلام؟ فأين تأثير القرائن في هذه الأعداد؟ وأين الوصول إلى تشخيص المطلوب منها والمراد؟
وأما ثانيا : فلأن مبنى (٣) تصحيح الحديث عندهم على نقل توثيق رجاله في أحد كتب المتقدّمين ككتاب (الكشي) ، و (النجاشي) ، و (الفهرست) ، و (الخلاصة) ونحوها نظرا إلى أن نقلهم ذلك شهادة منهم بالتوثيق ، حتى إن المحقق الشيخ حسنا في كتاب (المنتقى) لم يكتف في تعديل الراوي بنقل واحد من هؤلاء ، بل أوجب في تصحيح الحديث نقل اثنين منهم لعدالة الراوي ؛ نظرا إلى أنها شهادة فلا يكفي فيها الواحد.
وأنت خبير بما بين مصنّفي تلك الكتب ، وبين رواة الأخبار من المدة والأزمنة المتطاولة ، فكيف اطّلعوا على أحوالهم الموجبة للشهادة بالعدالة أو الفسق؟
والاطلاع على ذلك بنقل ناقل أو شهرة أو قرينة حال أو نحو ذلك ـ كما هو معتمد مصنفي تلك الكتب في الواقع ـ لا يسمى شهادة ، وهم قد اعتمدوا على ذلك وسمّوه شهادة. وهب أن ذلك كاف في الشهادة ، لكن لا بدّ في العمل بالشهادة
__________________
(١) الإرشاد (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ١١ / ٢ : ١٧٩.
(٢) مثل هذا الكلام غير موجود في (معالم العلماء) ، بل ذكره المصنّف في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩.
(٣) في «ح» : معنى.