ومنهم من جوّز ذلك حتّى كاد يدّعي المشاركة لأهل العصمة عليهمالسلام في تأويل مشكلاته وحل مبهماته وبيان مجملاته ، كما يعطيه كلام المحدّث المحسن الكاشاني في مقدمات تفسيره (الصافي) (١) جريا على قواعد الصوفية الذين يدّعون مزاحمة الأئمّة عليهمالسلام في تلك المقامات العلية ، كما لا يخفى على من تتبع كلامه في تفسيره المشار إليه.
والتحقيق في المقام أن يقال : إن الأخبار متعارضة من الجانبين ، ومتصادمة من الطرفين ، إلّا إن أخبار المنع أكثر عددا وأصرح دلالة ، فروى في (الكافي) بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «ما ادّعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما انزل إلّا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما أنزل الله إلّا علي بن أبي طالب والأئمّة من بعده عليهمالسلام» (٢).
وبإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء» (٣).
وفي (الكافي) أيضا في حديث الباقر عليهالسلام مع قتادة : «ويحك يا قتادة ، إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت».
إلى أن قال عليهالسلام : «ويحك يا قتادة ، إنما يعرف القرآن من خوطب به» (٤).
وروى في كتاب (العلل) في حديث دخول أبي حنيفة على الصادق عليهالسلام أنه قال له : «يا أبا حنيفة ، تعرف كتاب الله حق معرفته ، وتعرف الناسخ من المنسوخ؟».
__________________
(١) التفسير الصافي ١ : ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) الكافي ١ : ٢٢٨ / ١ ، باب أنه لم يجمع القرآن كلّه إلّا الأئمّة عليهمالسلام ، وفيه : نزله ، بدل : أنزل.
(٣) الكافي ١ : ٢٢٨ / ٢ ، باب أنه لم يجمع القرآن كلّه إلّا الأئمّة عليهمالسلام.
(٤) الكافي ٨ : ٢٥٩ / ٤٨٥.