دخول قوله في جملة أقوالهم ، إلّا أن ينقل ذلك بطريق التواتر أو الآحاد المشابه له نقلا مستندا إلى الحسّ بمعاينة أعمال جميع من يتوقف انعقاد الإجماع عليه ، أو سماع أقوالهم على وجه لا يمكن حمل القول والعمل على التقية ونحوها ، ودونه خرط القتاد (١) ؛ لما يعلم يقينا من تشتت العلماء وتفرّقهم في أقطار الأرض ، بل انزوائهم في بلدان المخالفين وحرصهم على ألّا يطّلع على عقائدهم ومذاهبهم.
وما يقال من أنه إذا وقع إجماع الرعيّة على الباطل يجب على الإمام أن يظهر ويباحثهم حتى يردّهم إلى الحقّ ؛ لئلا يضل الناس ، أو أنه يجوز أن تكون هذه الأقوال المنقولة في كتب الفقهاء التي لا يعرف قائلها قولا للإمام عليهالسلام ألقاه بين أقوال العلماء ، حتى لا يجمعوا على الخطأ كما ذهب إليه بعض المتأخّرين ، حتى إنه قدسسره كان يذهب إلى اعتبار تلك الأقوال المجهولة القائل ؛ لذلك ، فهو ممّا لا ينبغي أن يصغى إليه ، ولا يعرّج في مقام التحقيق عليه :
أما الأوّل منهما ، فلما هو ظاهر لكل ناظر من تعطيل الأحكام جلها ، بل كلّها في زمن الغيبة ، ولا سيما في مثل زماننا هذا الذي قد انطمست فيه معالم الدين ، وصار جملة أهله شبه المرتدّين ، وقد صار المعروف فيهم منكرا والمنكر معروفا ، وصارت الكبائر لهم إلفا مألوفا.
وأما الثاني منهما ، فكيف يكفي في الحجية مجرد احتمال كون ذلك هو المعصوم مع أنهم في الأخبار يبالغون في تنقية أسانيدها والطعن في رواتها ، ولا يحتجون إلّا بصحيح السند منها ، ولا يكتفون بمجرد الاحتمال هناك مع توفر
__________________
(١) إشارة إلى المثل المشهور : (دون ذلك خرط القتاد) ، يضرب للأمر دونه مانع. مجمع الأمثال ١ : ٤٦٧ / ١٣٩٥.