نعم ، هذه القاعدة إنما تتجه على مذهب العامة ، لعدم التقيّة في أخبارهم ، وقد تبعهم من أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ من تبعهم غفلة.
ولو قيل : إنه مع عدم جوابهم عليهمالسلام يلزم الحرج.
قلنا : إنما يلزم ذلك لو لم يكن ثمة مخرج آخر ، كيف ، وقد تقرّر عنهم عليهمالسلام قاعدة جلية في أمثال ذلك ، وهو سلوك جادة الاحتياط ، كما تقدم التنبيه عليه في غير موضع من الدرر المتقدمة؟
ونقل شيخنا المحدّث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني عن شيخه علّامة الزمان الشيخ سليمان ـ نوّر الله تعالى مرقديهما ـ أنه كان يقول : (لو ورد علينا في مثل هذه المسألة ألف حديث لما عملنا به ؛ لأنّه معارض لما قام عليه الدليل العقلي والنقلي من عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة) (١).
وهو ـ كما ترى ـ اجتهاد صرف وتعصب بحت ؛ فإن الدليل النقلي المطابق للدليل العقلي الذي هو عبارة عما دلّ من الأخبار على وجوب بذل العلم ، كقوله عليهالسلام : «إنّ الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم» (٢) ، وما اشتهر من قوله صلىاللهعليهوآله : «من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار» (٣) إلى غير ذلك مخصوص بما رواه ثقة الإسلام في (الكافي) بسنده إلى أبي عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول ـ وعنده رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعمى وهو يقول (٤) : إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار ، فقال أبو جعفر عليهالسلام ـ : «فهلك إذن مؤمن آل فرعون ، ما
__________________
(١) منية الممارسين : ٢٨٨.
(٢) الكافي ١ : ٤١ / ١ ، باب بذل العلم.
(٣) عوالي اللآلي ٤ : ٧١ / ٤٠ ، بحار الأنوار ٢ : ٧٨ / ٦٦.
(٤) وعنده رجل .. يقول ، سقط في «ح».