هيهات ، بسطوا في الدنيا آمالهم ، ونسوا آجالهم ، فتعساً لهم وأضلَّ أعمالهم ، أعوذ بك ـ يا ربِّ ـ من الحور بعد الكور (١).
قال كليب بن معاوية الصيداوي : قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام : ما يمنعكم إذا كلَّمكم الناس أن تقولوا : ذهبنا من حيث ذهب الله ، واخترنا من حيث اختار الله ، إن الله سبحانه اختار محمّداً ، واختار لنا آل محمّد ، فنحن متمسِّكون بالخيرة من الله عزّوجل (٢).
قال الشيخ المفيد عليه الرحمة : وما رأيت أوهن ولا أضعف من تعلُّق المعتزلة ومتكلِّمي المجبِّرة بقول العباس بن عبد المطلب رحمهمالله لأميرالمؤمنين عليهالسلام بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : امدد يدك ـ يا بن أخ ـ أبايعك ، فيقول الناس : عمُّ رسول الله بايع ابن أخيه ، فلا يختلف عليك اثنان ، وقد ادّعوا أن في هذا دليلا على أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينصَّ على أميرالمؤمنين عليهالسلام ، وقولهم : إنَّه لو كان نصَّ عليه لم يدعه العباس إلى البيعة ؛ لأن المنصوص عليه لا يفتقر في إمامته وكمالها إلى البيعة ، فلمَّا دعاه العباس إلى عقد إمامته من حيث تنعقد الإمامة التي تكون بالاختيار دلَّ على بطلان النصِّ.
وهذا الكلام مع وهنه فقدحار قوم من الشيعة عن فهم الغرض فيه، وعدلوا عن نقضه من وجهه ، وقد كنت قلت لمناظر اعتمد عليه في حجاجه في الإمامة ، ورام به مناقضتي في مجلس من مجالس النظر أقوالا، أنا أورد مختصراً منها ،
__________________
١ ـ كفاية الأثر ، الخزاز القمي : ١٩٨ ـ ٢٠٠.
٢ ـ الأمالي ، الطوسي : ٢٢٧ ح ٤٧ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٢٧/٣٢٦ ح ٥.