وإذا كان الأمر كذلك فكلُّ المجرمين والفاسقين مأجورون على اجتهادهم ، فهذا فرعون اجتهد في تكذيب موسى عليهالسلام ؛ لأنه كان يظنُّ أن كل الآيات التي جاء بها موسى عليهالسلام هي من قبيل السحر ، ولذلك جمع له السحرة ، واعتقد بأنّه كبيرهم الذي علَّمهم السحر ، وهذا السامريُّ الذي اجتهد فأخذ قبضة من أثر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فتسبَّب في ضلالة بني إسرائيل ، وهذا أبو لهب عمُّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اجتهد أيضاً ؛ لأنه ظنَّ أن ابن أخيه يريد الدعوة لنفسه مقابل الآلهة التي يعبدونها.
وهذه عائشة اجتهدت في قتل الآلاف من المسلمين الأبرياء ؛ لأنها كانت لا ترى مصلحة في خلافة عليٍّ عليهالسلام ، وهذا يزيد اللعين اجتهد هو الآخر في قتل سيِّد شباب أهل الجنة الحسين عليهالسلام ؛ لأنه كان يرى جميع الناس على طاعة الخليفة وعدم الخروج عليه.
وهذا هتلر الذي اجتهد ورأى بأن الألمان ـ وهم الجنس السامي ـ هم أسياد العالم ، وكل الناس هم عبيد ، لهم ويجب محقهم ، وهذا صدّام اجتهد الآخر في قتل الملايين .. وهو بطل القادسيَّة ، وقد اجتهد في احتلال الكويت ؛ لأنه يرى بأنها جزء من العراق ...
وما أظنُّك ـ يا شيخ علي ـ توافق على أن كل هذا هو الاجتهاد الذي يستوجب الأجر من عند الله.
قال وهو يتنهَّد : لا طبعاً ، أنا أعرف الفرق بين الاجتهاد والعصيان وهو كما قدَّمت ، إلاَّ أنه عندي تعليق على ذكرك أمَّ المؤمنين السيِّدة عائشة ، فهي التي قال فيها رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم: خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء(١)، ويقصد بذلك
__________________
١ ـ والمروي عندهم : خذوا شطر دينكم عن الحميراء ، راجع : النهاية في غريب الحديث ، ابن الأثير :