حيرتنا ، وعندما وصل إليَّ مسلِّماً ضحك ، وقال : أرضعيه ولو كان ذا لحية.
وفهمت أنه اطّلع على الموضوع من شتّى جوانبه ، وفرحت لذلك ، ودعوناه للجلوس وتناول الإفطار متسائلين : ما الذي أبطأه عن الموعد المعتاد؟
قال : لم أنم إلاَّ قليلا ، فقد سهرت بعدكم ، واطّلعت على قصة رضاعة الكبير في كل من صحيح مسلم وموطأ مالك ، فحيَّرتني وطار النوم من عيني ، فلم أنم إلاَّ بعد صلاة الفجر.
قلت : فهل ما زلت على رأيك في أخذك نصف الدين عن الحميراء؟
قال: أعوذ بالله ، هذا لايجوز أبداً ، أنا من اليوم شيعيٌّ ، لاأتّبع إلاَّعليّاً عليهالسلام.
قال أخوه الشيخ محمّد : أتدري ـ يا دكتور ـ أننا من سلالة عليٍّ كرَّم الله وجهه؟
قلت : إذن فأنتم أحقُّ بجدِّكم من غيركم ، قال الله تعالى : ( وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ ) (١).
وفرح الإخوة الكويتيون بهذا الاستبصار المفاجئ ، وكذلك الدكتور الخطيب ، وأخرج الشيخ علي الكتب إلى الطلبة ، وبدأ الدكتور الخطيب وأخوه عثمان ينشطان بحرّيّة ، ويعملان بكل جهودهم ، ولم يمض أسبوع واحد حتى استبصر أكثر من مائتين من الطلبة.
وجاء يوم الفراق للرجوع إلى باريس ، وخرج أكثرهم يودِّعونني ، وفي
__________________
١ ـ سورة الأنفال ، الآية : ٧٥.