رحب ، وقلب ملؤه السرور ، وما إن اطمأنَّ بهم الجلوس حتى فاتحوني بالبحث العلميّ ، يريدون الإيضاح عن مذهب الشيعة ، وعن اعتقادهم في الخلافة ، وما يدور حولها.
فبادرت إلى الجواب ، وهم صامتون يصغون إلى ما أورد عليهم من الأدلّة الواضحة ، والحجج القاطعة ، والبراهين الساطعة ، القائمة لدينا ولديهم حتى مضى علينا أكثر من ثلثي الليل ، وبعد انتهائنا من البحث قاموا ، فمنهم الشاكر ، ومنهم المنكر.
ومن جملة ما أفدت عليهم ، قلت : لا شك في أن النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعلم أن أمّته الجديدة القريبة العهد بالإسلام ، وما هي عليه من الرغبة في الخلافة ، ويعلم أنه سينقلب الكثير منهم على الأعقاب (١) ، ولا يسلم منهم إلاَّ مثل همل النعم (٢) عند ورودهم على الحوض ـ كما جاء في البخاري في حديث الحوض (٣) ، ويعلم علم اليقين أن أصحابه كانوا يضمرون الشرَّ لوصيِّه وخليفته من بعده علي عليهالسلام (٤) ،
__________________
١ ـ قال تعالى في سورة آل عمران ، الآية : ١٤٤ : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ).
٢ ـ قال ابن الأثير في النهاية : ٥/٢٧٤ : في حديث الحوض : ( فلا يخلص منهم إلاَّ مثل همل النعم ) الهمل : ضوالّ الإبل ، واحدها هامل ؛ أي إن الناجي منهم قليل في قلّة النعم الضالّة.
٣ ـ صحيح البخاري : ٧/٢٠٨ ـ ٢٠٩.
٤ ـ جاء في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي : ١١/٢١٦ ، في ترجمة رقم : ٥٩٢٨ بإسناده عن أبي إدريس