بِعَذَاب وَاقِع * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) (١).
وهنا جاء التأمُّل والصراع ، والمسألة مع النفس ومع الذات ، فراجعت المصادر ، ووقفت عليها ، ووجدت صدق ما يأتي به العالم الشيعي ، فاستغربت من قوّة استدلال هذا العالم ، وإحاطته الدقيقة بالتأريخ والسيرة والصحاح ، واستهواني الكتاب بأسلوبه الجذّاب ، وثوبه الناعم المزركش ، وصرت أفكِّر ، يا إلهي! أين كنت أنا؟ أين علماؤنا من هذه الكتب؟ فهل يعرف علماؤنا ما في هذه الكتب من أدلّة ويتعمَّدون طمس هذه الحقائق عنّا؟ لأنه ليس من اختصاصنا البحث في الدين وإنما هو حكر على الشيوخ والعلماء فقط ، أم أنهم لا يعلمون حقيقة هذه الكتب؟!
وتابعت القراءة إلى أن وصلت إلى الخطبة الشقشقية : ص ٦٨٠ من المراجعات ، فاستوقفتني خطب ومناشدات للإمام علي عليهالسلام ، وشدَّت انتباهي ، وأسرت تفكيري ؛ لما فيها من البيان والتصريح عن مظلوميّته بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث كان يبثُّ شكواه من خلال هذه الخطب والمناشدات ، فيقول إمامنا علي عليهالسلام أيام خلافته متظلِّماً ، يبثُّ آلامه متألِّما منها ، حتى قال :
أما والله لقدتقمَّصها فلان وهو يعلم أن محلّي منها محلُّ القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليَّ الطير ، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها
__________________
١ ـ سورة المعارج ، الآية : ١ ـ ٢ ، نزلت هذه الآيات في النعمان الفهري لمَّا شك في تنصيب النبي لعلي : الخلافة فوقع عليه العذاب. راجع : شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : ج٢ ، ص ٢٨٦ حديث : ١٠٣٠ ـ ٣١ ـ ٣٢ ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي : ص ٣٠.