وسألناهم ـ ثانياً ـ عن خيرته من المتقين ، فقالوا : هم الخاشعون ، بدليل قوله تعالى : ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْب مُّنِيب ) (١) ، وقال تعالى : ( وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم ) (٢).
ثم سألناهم : من الخاشعون؟
فقالوا : هم العلماء ، لقوله تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ) (٣).
ثم سألناهم جميعاً : من أعلم الناس؟ قالوا : أعلمهم بالقول ، وأهداهم إلى الحق ، وأحقُّهم أن يكون متبوعاً ولا يكون تابعاً ، بدليل قوله تعالى : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ ) (٤). فجعل الحكومة لأهل العدل.
فقبلنا ذلك منهم ، وسألناهم عن أعلم الناس بالعدل من هو؟
قالوا : أدلُّهم عليه.
قلنا : فمن أدلُّ الناس عليه؟
قالوا : أهداهم إلى الحقِّ ، وأحقُّهم أن يكون متبوعاً ولا يكون تابعاً ، بدليل قوله تعالى : ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى ) (٥) ، فدلَّ كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والإجماع : أن أفضل الأمّة بعد نبيِّها أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب عليهالسلام ، لأنه إذا كان أكثرهم جهاداً كان أتقاهم ، وإذا كان أتقاهم كان
__________________
١ ـ سورة ق ، الآية : ٣١ ـ ٣٣.
٢ ـ سورة الأنبياء ، الآية : ٤٨ ـ ٤٩.
٣ ـ سورة فاطر ، الآية : ١٢٨.
٤ ـ سورة المائدة ، الآية : ٩٥.
٥ ـ سورة يونس ، الآية : ٣٥.