البيت عليهمالسلام خاصّة ، وأخذ الدين عنهم ، كقوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١).
من الضروريِّ أن لا يكون الله طهّرهم من الذنوب عبثاً ، وإنّما تطهيرهم مقدِّمة لاتّباعهم وأخذ الدين منهم ، كما جاء في الحديث : إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلُّوا بعدي أبداً ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إن العليم الخبير أنبأني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض (٢).
وهذا يدلُّ على أن البعد عن الضلالة لا يتحقّق إلاَّ باتّباعهم وأخذ الدين منهم ، حتى السلف الصالح لا يسمّى صالحاً إلاَّ إذا أخذ دينه عن أهل البيت عليهمالسلام ، فبأيِّ حجّة بعد ذلك تقول : إن أخذ الدين لابد أن يكون عن طريق السلف؟ وأيَّ سلف تقصد؟ هل الذين لم يتفقوا في أبسط الأحكام الفقهيّة كاختلافهم في قطع يد السارق ، فهل تقطع من أصل الأصابع كما قال بعض الصحابة أو من الكفّ ، أو من المرفق ، أو من الكتف كما قال آخرون (٣)؟
فمن الضروريِّ أن يكون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بلَّغ حكماً واحداً لا أحكاماً متعدّدةً ، وهذا يدلُّ على أن الصحابة هم الذين أخطأوا ، فكيف نعتمد على قولهم ، وندين الله تعالى باتّباعهم؟
فإذن ليس كما ذهبت أنّ الطريق هو متابعة كل السلف الذين اقتتلوا ،
__________________
١ ـ سورة الأحزاب ، الآية : ٣٣.
٢ ـ تقدمت تخريجاته في المناظرة الخامسة.
٣ ـ راجع : بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، وتفسير الفخر الرازي في تفسير الآية الشريفة : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا ) سورة المائدة ، الآية : ٣٨.