بعمل ما ، فإن كان هناك قائد من بينهم يلجأون إليه ، ويأتمرون بأمره ، ألا يكفل ذلك وحدتهم ، وجمع صفِّهم؟ أمَّا إذا كان كل واحد منهم يعمل برأيه فسوف ينقلب جميعهم إلى عشرة طرق ، كل فريق بما لديه فرح.
فنقطة بداية الخلاف بين السنّة والشيعة في هذا الأمر تمسُّك الشيعة بضرورة حكم العقل ، ولم يعترف السنّة بذلك الحكم.
ولا تعتقدي أن هذا الحكم العقليَّ بعيد عن الحكم الشرعيِّ ، فالقرآن قاض بهذا الحكم ، ألا يكفيك في هذا الأمر أن الله لم يوكل للبشر اختيار أنبيائهم ، بل هو الذي ينتجب ويصطفي من عباده ما يشاء ، فإن لم يكن للبشر خيرة في تنصيب من يخصّة الله بالنبوَّة والرسالة ، كذلك ليس لهم الخيرة في تعيين من يقوم بأمر دينه ، ألم يقل تعالى : ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (١)؟ فالجاعل هو الله ، فهذه هي سنَّة الله ولن تجد لسنّته تحويلا.
ثم إنّ أساس الخلاف في هذه الأمَّة هو فيما بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأهل السنّة والشيعة متفقون بشكل ما على الإيمان بالله والرسول ، والخلاف كل الخلاف فيما بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد ذكرت لك أن الضرورة العقليَّة حاكمة في هذا الحال بأن يكون لنا إمام من بعد الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم، وقد حكم القرآن أيضاً بهذه الضرورة في قوله تعالى ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ )(٢)، فقد بيّنت هذه الآية ثلاثة محاور أساسيَّة وهي : الله ، والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووليُّ الأمر ، فلم تستثنِ هذه الآية موضوع الإمامة ، ممّا يعني أن الدين لا يكتمل إلاَّ بهذه المحاور الأساسيَّة ،
__________________
١ ـ سورة الأنبياء ، الآية : ٧٣.
٢ ـ سورة النساء ، الآية : ٥٩.