تغافل عنها الشيعة ، فهل هناك نص أوضح من قوله تعالى : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) (١) ، وقوله : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) (٢)؟!
فإنّ الظاهر من هذه الآيات هو إعطاء الشرعيَّة للأمَّة في انتخاب خليفتها ، وليست لك حجّة ممّا ينتج من هذا الانتخاب من اختلاف ؛ لأنّ من ميزات شريعتنا الغرّاء أنّ الاختلاف مسموح به ، بل هو رحمة كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اختلاف أمَّتي رحمة (٣) ، هذه من أعظم القيم الإسلاميّة وهو إقرار مبدأ الديمقراطية.
كما أن الواقع العملي لسيرة المسلمين وخاصة سيرة السلف الصالح قد أجمعوا على هذا المبدأ ، وأنّ أول شورى حدثت في التاريخ أسفرت عن أعظم
__________________
١ ـ سورة الشورى ، الآية : ٣٨.
٢ ـ سورة آل عمران ، الآية : ١٥٩.
٣ ـ شرح مسلم ، النووي : ١١/٩١ ، الجامع الصغير ، السيوطي : ١/٤٨ ح ٢٨٨ ، كشف الخفاء ، العجلوني : ١/٦٤ ح ١٥٣.
قال المتقي الهندي في كنز العمال : ١٠/١٣٦ ح ٢٨٦٨٦ : اختلاف أمَّتي رحمة ( نصر المقدسي في الحجة ، والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سند ، وأورده الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم ، ولعلّه خرِّج في بعض كتب الحفّاظ التي لم تصل إلينا ).
وقال الفتني في تذكرة الموضوعات : ٩٠ ـ ٩١ : في المقاصد اختلاف أمتي رحمة للبيهقي عن الضحاك عن ابن عباس رفعه في حديث طويل بلفظ : واختلاف أصحابي لكم رحمة ، وكذا للطبراني والديلمي والضحاك عن ابن عباس منقطع ، وقال العراقي : مرسل ضعيف ، وقال شيخنا : هذا الحديث مشهور على الألسنة ، وقد أورده ابن الحاجب في المختصر في القياس ، وكثر السؤال عنه ، وزعم كثير من الأئمة أنَّه لا أصل له ، لكن ذكره الخطابي وقال : اعترض على الحديث رجلان ؛ أحدهما ماجن ، والآخر ملحد ، وهما : إسحاق الموصلي والجاحظ ، وقالا : لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذاباً ، ثمَّ ردَّ الخطابي عليهما ، ولم يقع في كلامه شفاء في عزو الحديث ، ولكنه أشعر بأن له أصلا عنده ، وفي حاشية البيضاوي ذكر هذا الحديث السبكي وغيره وليس بمعروف عند المحدِّثين.