تجرُّه للخطأ ، فإذا غلّب الإنسان قوَّته العقليَّة لا يمكن أن يرتكب الخطأ ، وأمَّا من الناحية العمليَّة يكفيك الأنبياء والرسل ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ، فليس في الأمر تهافت.
وثانياً : إنّ هذا الكلام لا يخالف الشرع كما تفضَّلت ، قال تعالى : ( وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَهُ ) (١) فإنّ الله يحاسب الإنسان على مثقال ذرة ـ وهي أصغر ما يمكن أن يعبَّر بها ـ من الشرّ ، فإذا كان الإنسان ليس قادراً على أن لا يرتكب مثقال ذرَّه فلماذا يحاسبه الله؟ قال تعالى : ( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وسَعَها ) (٢).
فمعنى ذلك أن عدم ارتكاب الذرّة من الخطأ هي من سعة الإنسان واستطاعته ، وهذا دليل على أن كل إنسان يمكن أن يكون معصوماً ، وإذا سلَّمت بذلك كما هو واضح ، فهل ياترى لم يتحقَّق ذلك أبداً في طول التأريخ الإسلامي؟ وهو بالتأكيد تحقَّق ؛ لأن الله لم يضع هذا الأمر عبثاً ، وإنما واقعاً ؛ لأن هذه الآية ليست مثاليَّة ، وإنما لها نماذج واقعيَّة تكون حجَّة على البشر ، فهل ياترى هنالك نموذج يكون مصداقاً لهذه الآية غير علي بن أبي طالب عليهالسلام الذي اتّفق على فضله جميع المسلمين؟!
وثالثاً قال تعالى : ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (٣) ، جاء في تفسير الرازي لهذه الآية أنّ الله أوجب طاعة أولي الأمر على سبيل الجزم ، وكل من يأمر الله بطاعته على سبيل الجزم لابدَّ أن يكون معصوماً ، وإلاَّ
__________________
١ ـ سورة الزلزلة ، الآية : ٨.
٢ ـ سورة البقرة ، الآية : ٢٨٦.
٣ ـ سورة النساء ، الآية : ٥٩.