السابع : محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث هرب إلى الغار ، فإن قلت : إنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هرب من غير خوف فقد كفرت ، وإن قلت : أخافوه وطلبوا دمه وحاولوا قتله فلم يسعه غير الهرب فعليٌّ أعذر (١).
إنّ الأحكام الشرعيّة ـ يا عزيزتي ـ معلَّقة على حرِّيَّة المكلَّف واختياره ، فإنّ الله لا يجبر عباده على طاعته ، فكون علي عليهالسلام إماماً من قبل الله تعالى لا يعني أن تجبر الخلائق على اتباعه ( مَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ) (٢) وهذا ما جرى على الأنبياء جميعهم ، وقال تعالى : ( أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) (٣) ، فالبيعة لعليٍّ لا يفرضها الله على عباده (٤) كما لم يفرض بيعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ) (٥) والمجيء دالٌ على أنّ الأمر بالبيعة معلَّق على مجيء المؤمنات طائعات.
لذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حق علي عليهالسلام ـ كما أخرجه الطبري في الرياض النضرةـ : يا علي! إني أعلم ضغائن في صدور قوم سوف يخرجونها لك
__________________
١ ـ راجع : مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب : ١/٢٣٢ ـ ٢٣٣.
٢ ـ سورة الكهف ، الآية : ٢٩.
٣ ـ سورة البقرة ، الآية : ٨٧.
٤ ـ يعني بالجبر والإكراه ، قال تعالى : ( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) البقرة ، الآية : ٢٥٦.
٥ ـ سورة الممتحنة ، الآية : ١٢.