(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) عليه الواثقين به ، فينصرهم ويرشدهم إلى ما هو خير لهم كما تقتضيه المحبة.
وفى الآية إرشاد للمكلفين ، وترغيب لهم فى التوكل على الله ، والرجوع إليه ، والإعراض عن كل ما سواه.
قال الرازي : دلت الآية على أنه ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه كما يقول بعض الجهال وإلا كان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل ، بل التوكل عليه أن يراعى الإنسان الأسباب الظاهرة ، ولكن لا يعوّل بقلبه عليها ، بل يعول على عصمة الحكمة اه.
فالتوكل الصحيح إنما يكون مع الأخذ بالأسباب ، وبدونها يكون دعوى التوكل جهلا بالشرع وفسادا فى العقل ، قال تعالى : «فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ» وقال : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ» وقال : «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ» وقال : «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى» وقال لنبيه لوط «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ» وقال لموسى عليه السلام : «فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً» وقال حكاية عن نبيه يعقوب لابنه يوسف : «لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً» وقال أيضا حاكيا عنه : «يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ ، إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ» ففى هذا أمر بالحذر مع التنبيه إلى أنه متوكل على الله ، ولا تنافى بينهما ولا غنى للمؤمن عنهما.
روى أحمد والشيخان (البخاري ومسلم) عن ابن عباس مرفوعا «يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفا بغير حساب ، الذين لا يسترقون ، ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون» وقد قرن التوكل بترك الأعمال الوهمية دون غيرها ، إذ لم ينف من