فوجود الرسول بينكم وأنتم قد خالفتم سنن الله فى البشر لا يحميكم مما تقتضيه هذه السنن.
(وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) أي وكل ما أصابكم أيها المؤمنون يوم التقى جمعكم بجمع المشركين فى أحد ، فهو بإذن الله وإرادته وقضائه السابق بجعل المسببات نتائج لأسبابها ؛ فكل عسكر يخطىء الرأى ، ويعصى قائده ، ويخلّى بين العدو وبين ظهره ، يصاب بمثل ما أصبتم به ، أو بما هو أشد وأنكى منه.
وفى ذلك تسلية للمؤمنين وعبرة تشرح لهم ما تقدم من قوله : «قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ».
(وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) أي ليظهر علم الله بحال المؤمنين من قوة الإيمان وضعفه ، واستفادتهم من المصايب حتى لا يعودوا إلى أسبابها ، وليعرفوا سنن الله عند ما يظهر فيهم حكمها ، كما يظهر حال المنافقين الذين أظهروا الإيمان وتبطنوا الكفر ، فيترتب على ذلك العبرة بسوء عاقبة المنافقين حتى فيما ظنوه حزما واتقاء للمكروه ، واحتياطا فى الأمر ، كما تحدث العبرة بحسن عاقبة الصادقين حتى فيما ظنوه شرا وكرهوا حصوله.
(وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا) أي إن هؤلاء المنافقين دعوا إلى القتال ، وقيل لهم : إن كان فى قلبكم حب الدين والذود عنه فقاتلوا لأجله ، وإن لم تكونوا كذلك فقاتلوا دفعا عن أنفسكم وأهليكم وأموالكم.
والخلاصة ـ قاتلوا ابتغاء مرضاة الله وإقامة دينه ، أو قاتلوا للدنيا ودافعوا عن أنفسكم وأهليكم ووطنكم ، لكنهم راوغوا وقعدوا وتكاسلوا.
(قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ) أي قالوا : لو نعلم أنكم تلقون قتالا فى خروجكم ما أسلمناكم ، بل كنا نتبعكم ، لكنا نرى أن الأمر سينتهى بدون قتال.
روى أن الآية نزلت فى عبد الله بن أبىّ ابن سلول وأصحابه الذين خرجوا من