وفى ذلك تنبيه إلى أن العبرة فى النجاة من العذاب والفوز بحسن الثواب ، إنما تكون بإحسان العمل والإخلاص فيه.
(٢) إن الذكر والأنثى متساويان عند الله فى الجزاء متى تساويا فى العمل حتى لا يغترّ الرجل بقوته ورياسته على المرأة فيظن أنه أقرب إلى الله منها.
(٣) إن الله قد بين علة هذه المساواة بقوله : بعضكم من بعض ، فالرجل مولود من المرأة والمرأة مولودة من الرجل ، فلا فرق بينهما فى البشرية ولا تفاضل إلا بالأعمال.
(٤) إنها رفعت قدر النساء المسلمات فى أنفسهن وعند الرجال المسلمين.
(٥) إن هذا التشريع قد أصلح معاملة الرجل للمرأة واعترف لها بالكرامة ، وأنكر تلك المعاملة القاسية التي كانت تعاملها بها بعض الأمم فقد كان بعضها يعدها كالبهيمة المسخّرة لمصلحة الرجل ، وبعضها يعدّها غير أهل للتكاليف الدينية ، إذ زعموا أنه ليس لها روح خالد ، فما زعمه الإفرنج من أنهم السبّاقون إلى الاعتراف بكرامة المرأة ومساواتها للرجل ليس مبنيا على أساس صحيح ، فالإسلام هو الذي سبق كل الشرائع فى هذا ، ولا تزال شرائعهم الدينية والمدنية تميّز الرجل من المرأة ، نعم إن المسلمين قصّروا فى تعليم النساء وتربيتهن ، لكن هذا لا يصلح حجة على الدين نفسه.
(٦) إن ما يفضل به الرجال النساء من العلم والعقل وما يقومون به من الأعمال الدنيوية التي جرى عرف المجتمع على إسنادها إلى الرجال ، وجعل حظ الرجل فى الإرث مثل حظ الأنثيين لأنه يتحمل نفقة امرأته ، فلا دخل لشىء منه فى التفاضل عند الله بثواب وعقاب (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ). بعد أن ربط الله الجزاء بالعمل ، بيّن أن العمل الذي يستحقون به ما طلبوا من تكفير السيئات ، ودخول الجنات ، هو الهجرة من الوطن فى خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإخراج من الديار ، بإلجاء الكافرين إياهم إلى الخروج والإيذاء فى سبيل الله والقتال والقتل وبذل