الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) أي إن تطيعوا الذين جحدوا نبوة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فتقبلوا رأيهم وتنتصحوهم فيما يزعمون أنهم لكم فيه ناصحون ـ يحملوكم على الردة بعد الإيمان والكفر بالله وآياته ، ويرجعوكم عن إيمانكم ودينكم الذي هداكم الله له خاسرين للدنيا والآخرة ، أما خسران الأولى فبخضوعكم لسلطانهم وذلتكم بينهم وحرمانكم من السعادة والملك والتمكين فى الأرض كما وعد الله المؤمنين الصادقين «وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً».
وأما خسران الثانية فيما يصيبكم من العذاب الأبدى فى النار وبئس القرار.
(بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) أي لا تفكروا فى ولاية أبى سفيان وشيعته ، ولا عبد الله بن أبىّ وحزبه ، ولا تأبهوا لإغوائهم فإنهم لا يستطيعون لكم نصرا ، وإنما الله هو الذي ينصركم بعنايته التي وعدكم بها فى قوله :
«فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ» فقد جرت سنته أن يتولى الصالحين ويخذل الكافرين كما قال : «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها ، ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ».
(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) أي إنه سبحانه سيحكّم فى أعدائكم الكافرين سننه ويلقى فى قلوبهم الرعب بسبب إشراكهم بالله أصناما ومعبودات لم يقم برهان من عقل ولا نقل على ما زعموا من