رابطة الإيمان ورابطة الرحم الوشيجة ، والله رقيب عليكم يعلم ما تأتون وما تذرون ، ويحاسبكم على النّقير والقطمير «وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً».
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) أي أيها الناس احذروا عصيان من رباكم بإحسانه ، وتفضل عليكم بجوده وإنعامه ، وجعلكم أقرباء يجمعكم نسب واحد وأصل واحد.
وجمهرة العلماء على أن المراد بالنفس الواحدة هنا آدم ، وهم لم يأخذوا هذا من نص الآية ، بل أخذوه تسليما وهو أن آدم أبو البشر.
وقال القفّال : إن المراد أنه خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجا هو إنسان يساويه فى الإنسانية ، أو أن الخطاب لقريش الذين كانوا فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهم آل قصىّ ، وأن المراد بالنفس الواحدة قصىّ اه.
وقال بعض العلماء أبهم الله تعالى أمر النفس التي خلق الناس منها ، فلندعها على إبهامها ، فإذا ثبت ما يقوله الباحثون من أن لكل صنف من أصناف البشر أبا كان ذلك غير مخالف لكتابنا ، كما هو مخالف للتوراة التي نصت صراحة على أن آدم أبو البشر فحمل ذلك بعض الناس على الطعن فى كونها من عند الله ووحيه.
وقال الأستاذ الإمام : إن ظاهر الآية يأبى أن يكون المراد بالنفس الواحدة آدم لوجهين :
(١) البحث العلمي والتأريخي المعارض لذلك.
(٢) إنه قال رجالا كثيرا ونساء ، ولم يقل الرجال والنساء ، ولكن ليس فى القرآن ما ينفى هذا الاعتقاد ولا ما يثبته إثباتا قاطعا لا يحتمل التأويل اه.
وما جاء من مخاطبة الناس بقوله : «يا بَنِي آدَمَ» لا يعد نصّا فى كون جميع البشر من أبنائه إذ يكفى فى صحة هذا الخطاب أن يكون من وجّه إليهم فى زمن التنزيل من أولاد آدم.