وقصارى القول إنه عليه السلام ما أراد بتعدد الزوجات ما يريده الملوك والأمراء والمترفون من التمتع بالنساء ، إذ لو كان قد أراد ذلك لاختارهن من حسان الأبكار لا من الكهلات الثيبات كما قال لمن اختار ثيبا «هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ، وتضاحكها وتضاحكك» رواه الشيخان.
(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) الخطاب للأزواج أي وأعطوا النساء اللواتى تعقدون عليهن المهور عطاء هبة يكون رمزا للمودة التي ينبغى أن تكون بينكما ، وآية من آيات المحبة ، ودليلا على وثيق الصلة والرابطة التي تجب أن تكنفكما وتحيط بسماء المنزل الذي تحلان فيه ، وقد جرى عرف الناس بعدم الاكتفاء بهذا العطاء فتراهم يردفونه بأصناف الهدايا والتحف من مآكل وملابس ومصوغات إلى نحو ذلك ، مما يعبر عن حسن تقدير الرجل للمرأة التي يريد أن يجعلها شريكته فى الحياة.
(فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) أي فإن طابت نفوسهن باعطائكم شيئا من الصداق من غير ضرار ولا خديعة فكلوه هنيئا مريئا ولا ذنب عليكم ولا إثم فى أخذه.
ومن ثم لا يجوز للرجل أن يأكل شيئا من مال امرأته إلا إذا علم أن نفسها طيبة به فاذا طلب منها شيئا وحملها الخوف أو الخجل على إعطاء ما طلب فلا يحل له ، ألا ترى أنّ الله تعالى نهى عن أخذ شىء من المرأة فى طور المفارقة فقال : «وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ ، وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً ، فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً» فالتحذير من أخذه فى طور الرغبة والتحبب وإظهار القدرة على ما يجب عليه من أعباء الزوجية من كفالة المرأة والإنفاق عليها يكون أشد وآكد ، ولكن حب المل جعل الرجال يماكسون فى المهر كما يماكسون فى سلع التجارة ، وصار حبهم للمحافظة على الشرف والكرامة دون حبهم للدرهم والدينار.