الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) أي لا تأكلوا الربا حال كونه أضعافا مضاعفة بتأخير أجل الدّين الذي هو رأس المال ، وزيادة المال إلى ضعف ما كان كما كنتم تفعلون فى الجاهلية ، فإن الإسلام لا يبيح لكم ذلك ، لما فيه من القسوة واستغلال ضرورة المعوز وحاجته.
قال ابن جرير : لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة فى إسلامكم بعد إذ هداكم الله ، كما كنتم تأكلونه فى جاهليتكم. وكان أكلهم ذلك فى جاهليتهم أن الرجل منهم يكون له على الرجل مال إلى أجل ، فإذا حلّ الأجل طلبه من صاحبه ، فيقول له الذي عليه المال : أخّر دينك عنى وأزيدك على مالك ، فيفعلان ذلك ، فذلك هو الربا أضعافا مضاعفة ، فنهاهم الله عز وجل فى إسلامهم عنه اه.
وقال الرازي : كان الرجل فى الجاهلية إذا كان له على إنسان مائة درهم إلى أجل ، فإذا جاء الأجل ولم يكن المديون واجدا لذلك المال قال الدائن زد فى المال حتى أزيد فى الأجل ، فربما جعله مائتين ، ثم إذا حل الأجل الثاني فعل مثل ذلك ثم إلى آجال كثيرة ، فيأخذ بسبب تلك المائة أضعافها ، فهذا هو المراد من قوله تعالى : «أَضْعافاً مُضاعَفَةً» اه.
وربا الجاهلية هو ما يسمى فى عصرنا بالربا الفاحش وهو ربح مركب ، وهذه الزيادة الفاحشة كانت بعد حلول الأجل ، ولا شىء منها فى العقد الأول ، كان يعطيه المائة بمائة وعشرة أو أكثر أو أقل ، وكأنهم كانوا يكتفون فى العقد الأول بالقليل من الربح ، فإذا حل الأجل ولم يقض الدين وهو فى قبضتهم اضطروه إلى قبول التضعيف فى مقابلة الإنساء ، وهذا هو الربا النسيئة ، قال ابن عباس : إن نص القرآن الحكيم ينصرف إلى ربا النسيئة الذي كان معروفا عندهم اه.
وعلى الجملة فالربا نوعان :
(١) ربا النسيئة وهو الذي كانوا يفعلونه فى الجاهلية ، وهو أن يؤخر دينه