لأن أبا سفيان رجع بجيشه إلى مكة وكان معه ألفا رجل فسماه أهل مكة جيش السّويق ، وقالوا لهم إنما خرجتم لتشربوا السويق.
ووافى المسلمون سوق بدر ، وكانت معهم نفقات وتجارات فباعوا واشتروا أدما وزبيبا فربحوا وأصابوا بالدرهم در همين ، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين.
(فَزادَهُمْ إِيماناً) أي زادهم هذا القول إيمانا بالله وثقة به ، ولم يلتفتوا إلى تخويفهم بل حدث فى قلوبهم عزم وتصميم على محاربة هؤلاء الكافرين ، وطاعة للرسول فى كل ما يأمر به وينهى عنه ، وإن أضناهم ذلك وثقل عليهم ، لما بهم من جراحات عظيمة وقد كانوا فى حاجة إلى قسط من الراحة ، وشىء من التداوى ، لكن وثوقهم ، بنصر الله وتغلبهم على عدوهم أنساهم كل هذه المصاعب فلبوا الدعوة سراعا.
والخلاصة ـ إن هذا القول الذي سمعوه زاد شعورهم بعزة الله وعظمته وسلطانه ويقينهم بوعد الله ووعيده ، وتبع ذلك زيادة فى العمل ، ودأب على إنفاذ ما طلب الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو لا ذلك ما أقدموا على الاستجابة على ما كاد يكون وراء حدود الإمكان.
ونحو الآية قوله تعالى «وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً».
(وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) أي قالوا معبّرين عن صادق إيمانهم بالله : الله يكفينا ما يهمنا من أمر الذين جمعوا الجموع لنا ، فهو لا يعجزه أن ينصرنا على قلّتنا وكثرتهم ، أو يلقى فى قلوبهم الرعب ، فيكفينا شر بغيهم وكيدهم ، وقد كان الأمر كما ظنوا ، فألقى الله الرعب فى قلب أبى سفيان وجيشه على كثرة عددهم وتوافر عددهم ، فولّوا مدبرين ، وكان فى ذلك عزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
أخرج ابن مردويه عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا وقعتم فى الأمر العظيم فقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل» وأخرج ابن أبى الدنيا