بما فعلوه بحمزة رضي الله عنه حتى قال حين رآه قد مثّل به : لأمثلنّ بسبعين منهم.
(٤) (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أي والله يحب الذين يتفضلون على عباده البائسين ويواسونهم ببعض ما أنعم الله به عليهم شكرا له على جزيل نعمائه.
أخرج البيهقي أن جارية لعلى بن الحسين رضي الله عنهما جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة ، فسقط الإبريق من يدها فشجه ، فرفع رأسه فقالت : إن الله يقول (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) فقال لها قد كظمت غيظى ، قالت (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) قال قد عفا الله عنك ، قالت (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) قال اذهبي فأنت حرة لوجه الله تعالى.
والإحسان إلى غيرك إما بإيصال النفع إليه ، وهو الذي عناه الله بقوله (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) ويدخل فيه إنفاق العلم بتعليم الجاهلين وهداية الضالين ، وإنفاق المال فى وجوه الخير والعبادات ، قال صلى الله عليه وسلم «السخىّ قريب من الله قريب من الجنة ، قريب من الناس ، بعيد من النار ، والبخيل بعيد من الله ، بعيد من الجنة ، بعيد من الناس ، قريب من النار».
وإما بدفع الضر عنه إما فى الدنيا بألا يقابل الإساءة بإساءة أخرى وهو ما عناه الله بقوله (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) قال صلى الله عليه وسلم «من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا» وإما فى الآخرة بأن يعفو عماله عند الناس من التبعات والحقوق ، وهذا هو المراد بقوله (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) ومن ثم كانت هذه الآية جامعة لوجوه الإحسان إلى غيرك.
وقد ذكر الله الجزاء على الإحسان بقوله (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) إذ محبة الله للعبد عظم درجات الثواب.
(٥) (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) أي والذين إذا فعلوا من القبيح ما يتعدى أثره إلى غيره كالغيبة ونحوها ، أو فعلوا ذنبا يكون مقصورا عليهم كشرب الخمر ونحوه ـ ذكروا عند ذلك وعد الله ووعيده ،