(٣) إنه لم يكن له ولىّ من الذل أي لم يوال أحدا من أجل مذلة به يدفعها بموالاته.
والخلاصة ـ إنه ليس له ولد يحبس نعمه عليه ، وليس له شريك يقف أعماله فى الملك ، ولا ناصر يدفع العدو المذلّ له ، وإذا تنزه ربنا عن ذلك فقد أمن الناس نضوب موارده ، وأصبحت أبوابه مفتّحة لكل قاصد ، فلتغترف أيها العبد من مناهله ، ولتعلم أنه لا يحابيك لأجل أهلك ولا نسلك ولا دينك ، ولو كنت ابن نبى من الأنبياء أو عظيم من العظماء.
(وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) أي وعظّم ربك أيها الرسول بما أمرناك أن تعظمه به من قول أو فعل ، وأطعه فيما أمرك به ونهاك عنه.
وتكبيره تعالى وتنزيهه يكون :
(١) بتكبيره فى ذاته باعتقاد أنه واجب الوجود لذاته ، وأنه غنى عن كل موجود.
(٢) بتكبيره فى صفاته باعتقاد أنه مستحق لكل صفات الكمال منزه عن صفات النقص.
(٣) بتكبيره فى أفعاله ، فتعتقد أنه لا يجرى شىء فى ملكه إلا وفق حكمته وإرادته.
(٤) بتكبيره فى أحكامه ، بأن تعتقد أنه ملك مطاع ، له الأمر والنهى ، والرفع والخفض ، وأنه لا اعتراض لأحد عليه فى شىء من أحكامه ، يعزّ من يشاء ، ويذل من يشاء.
(٥) تكبيره فى أسمائه ، فلا يذكر إلا بأسمائه الحسنى ، ولا يوصف إلا بصفاته المقدسة.
روى أحمد فى مسنده عن معاذ الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يقول «آية العز (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) الآية» وعن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله فى السراء والضراء».
وأخرج عبد الرزاق عن عبد الكريم بن أبى أمية قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعلم الغلام من بنى هاشم إذا أفصح ، الحمد لله إلى آخر الآية سبع مرات».