والخلاصة ـ إن قتل الأولاد إن كان لخوف الفقر فهو من سوء الظن بالله ، وإن كان لأجل الغيرة على البنات فهو سعى فى تخريب العالم ، والأول انتهاك لحرمة أوامر الله ، والثاني ضد الشفقة على خلق الله ، وكلاهما مذموم غاية الذم.
ولما كان فى قتل الأولاد حظ من البخل ، وفى الزنا داع من دواعى الإسراف أتبعه به فقال :
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) نهى الله عباده عن القرب من الزنا بمباشرة أسبابه ودواعيه ، فضلا عن مباشرته هو ، للمبالغة فى النهى عنه وبيان شدة قبحه ، ثم علل ذلك بقوله :
(إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) أي إنه كان فعلة ظاهرة القبح مشتملة على مفاسد كثيرة أهمها :
(١) اختلاط الأنساب واشتباهها ، وإذا اشتبه المرء فى الولد الذي أتت به الزانية ، أمنه هو أم من غيره ، لا يقوم بتربيته ، ولا يستمر فى تعهده ، وذلك مما يوجب إضاعة النسل وخراب العالم.
(٢) فتح باب الهرج والمرج والاضطراب بين الناس دفاعا عن العرض ، فكم سمعنا بحوادث قتل كان مبعثها الإقدام على الزنا ، حتى إنه ليقال عند السماع بحادث قتل : (فتش عن المرأة).
(٣) إن المرأة إذا عرفت بالزنا وشهرت به استقذرها كل ذى طبع سليم ، فلا تحدث ألفة بينها وبين زوجها ، ولا يتم السكن والازدواج الذي جعله الله مودة ورحمة بين الناس بقوله : «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً».
(٤) إنه ليس المقصد من المرأة مجرد قضاء الشهوة ، بل أن تصير شريكة للرجل فى ترتيب المنزل وإعداد مهامه من مطعوم ومشروب وملبوس ، وأن تكون حافظة له ، قائمة بشؤون الأولاد والخدم ، وهذه المهامّ لا تتم على وجه الكمال إلا إذا كانت مختصة يرجل واحد ، منقطعة له دون غيره من الناس.