قد عتوا وانغمسوا فى الأديان الباطلة ، ومن ثم كان أكثر الذين استجابوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم شبّانا ، وبقي الشيوخ على دينهم ، ولم يسلم منهم إلا القليل.
ونحو الآية قوله : «وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ» وقوله : «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» وقوله : «لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ».
فى أي زمن كان قصص أهل الكهف؟
رجح ابن كثير أن قصص أهل الكهف كان قبل مجىء النصرانية ، لا بعدها كما رواه كثير من المفسرين متّبعين ما أثر عن العرب ، والدليل على ذلك أن أحبار اليهود كانوا يحفظون أخبارهم ، ويعنون بها ، فقد روى عن ابن عباس أن قريشا بعثوا إلى أحبار اليهود بالمدينة يطلبون منهم أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فبعثوا إليهم أن يسألوه عن خبر هؤلاء الفتية ، وعن خبر ذى القرنين ، وعن الرّوح ، وفى هذا أعظم الأدلة على أن ذلك كان محفوظا عند أهل الكتاب ، وأنه مقدّم على النصرانية.
(وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي وألهمناهم قوة العزيمة ، وشددنا قلوبهم بنور الإيمان ، حتى عزفت نفوسهم عما كانوا عليه من خفض العيش والرغبة عنه ، وقالوا حين قاموا بين يدى الجبار دقيانوس إذ عاتبهم على تركهم عبادة الأصنام ـ ربنا رب السموات والأرض ورب كل مخلوق.
ثم أردفوا تلك المقالة البراءة من إله غيره فقالوا :
(لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً) أي لن ندعو من دون رب السموات والأرض إلها ، لا على طريق الاستقلال ولا على سبيل الاشتراك ، إذ لا رب غيره ولا معبود سواه.
وقد أشاروا بالجملة الأولى إلى توحيد الألوهية والخلق ، وبالجملة الثانية إلى توحيد الربوبية والعبادة ، وعبدة الأصنام يقرون بتوحيد الأولى ، ولا يقرون بتوحيد