عليهم خروا له سجّدا وبكيّا ؛ ثم أردف ذلك ببيان أنكم إن ناديتم الله أو ناديتم الرحمن فالأمران سواء ثم قفّى على ذلك بطلب التوسط فى القراءة فى الصلاة بين الجهر والخفوت ، ثم أمر نبيه أن يقول حين الدعاء : الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا.
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : «صلى صلوات الله عليه بمكة ذات يوم ، فدعا الله تعالى فقال فى دعائه : يا الله يا رحمن ، فقال المشركون : انظروا إلى هذا الصابىء ، ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين فنزل (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) الآية.
وعن الضحاك أنه قال : قال أهل الكتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم إنك لتقلّ ذكر الرحمن وقد أكثر الله فى التوراة هذا الاسم فنزلت.
الإيضاح
(وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) أي وأنزلنا عليك القرآن متضمنا للحق ، ففيه أمر بالعدل والإنصاف ومكارم الأخلاق ، ونهى عن الظلم والأفعال الذميمة ، وذكر براهين الوحدانية وحاجة الناس إلى الرسل ، لتبشيرهم وإنذارهم وحثهم على صالح الأعمال ، انتظار ليوم الحساب والجزاء.
(وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) أي ونزل إليك محفوظا محروسا لم يشب بغيره ، فلم يزد فيه ولم ينقص ، وقد يكون المراد ونزل إليك مع الحق وهو شديد القوى الأمين المطاع فى الملأ الأعلى جبريل عليه السلام.
وبعد أن مدح الكتاب مدح من أنزل عليه فقال :
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) أي وما أرسلناك أيها الرسول إلى من أرسلناك إليهم من عبادنا إلا مبشرا بالجنة من أطاعنا فانتهى إلى أمرنا ، ومنذرا لمن عصانا فخالف ذلك.