واغتنام الأموال وأخذ الجزية ؛ ثم أردف ذلك ببيان أنه ما منعه من إرسال الآيات التي طلب مثلها الأولون كقولهم : «لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً» إلخ إلا أنه لو جاء بها ولم يؤمنوا لأصابهم عذاب الاستئصال كما أصاب من قبلهم ، أولم ينظروا إلى ما أصاب ثمود حين كذبوا بآيات ربهم وعقروا الناقة ، ثم قفى على ذلك بأن الله حافظه من قومه ، وأنه سينضره ويؤيده ، ثم أتبع ذلك بأن أمر الإسراء كان فتنة للناس وامتحانا لإيمانهم ، كما كان ذكر شجرة الزقوم فى قوله : «إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ» ثم تلا هذا بذكر تماديهم فى العناد ، وأنه كلما خوّفهم وأنذرهم ازدادوا تماديا وطغيانا ، فلو أنزل عليهم الآيات التي اقترحوها لم ينتفعوا بها ، ومن ثم أجّل عذابهم إلى يوم الوقت المعلوم.
الإيضاح
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) أي قل أيها الرسول لمشركى قومك الذين يعبدون من دون الله من خلقه : ادعوا أيها القوم الذين زعمتم أنهم أرباب وآلهة من دونه حين ينزل الضر بكم من فقر ومرض ونحوهما ، وانظروا هل يقدرون على دفع ذلك عنكم أو تحويله عنكم إلى غيركم؟ إنهم لا يقدرون على دفع شىء من ذلك ولا يملكونه ، وإنما يملكه ويقدر عليه خالقكم وخالقهم. روى أنه لما ابتليت قريش بالقحط وشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنزل الله هذه الآية.
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) أي هؤلاء الذين يدعوهم المشركون أربابا ، وينادونهم لكشف الضر عنهم ـ يطلبون مجتهدين إلى ربهم ومالك أمرهم القرب إليه بالطاعة والقربة. أخرج الترمذي وابن مردويه عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «سلوا الله لى الوسيلة ، قالوا وما الوسيلة؟ قال القرب من الله؟ ثم قرأ هذه الآية».