روى «أنهما نزلتا حين سألت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الروح وعن أصحاب الكهف وعن ذى القرنين ، فقال عليه الصلاة والسلام : غدا أخبركم ، ولم يستن (لم يقل إن شاء الله) فأبطأ عليه الوحى خمسة عشر يوما ، فشق ذلك عليه وكذبته قريش.
الإيضاح
(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أي ولا تقولن أيها الرسول لشىء إنى سأفعل ذلك غدا إلا أن تقول : إن شاء الله ، ذاك أنه ربما مات المرء قبل مجىء الغد ، أو ربما عاقه عائق عن فعله ، فإذا لم يقل إن شاء الله صار كاذبا فى ذلك الوعد ونفر الناس منه.
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) أي واذكر مشيئة ربك إذا فرط منك نسيان ثم نذكرت ذلك ، وهذا أمر بالتدارك حين التذكر ، سواء أطال الفصل أم قصر.
(وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) أي وقل عسى أن يوفّقنى ربى لشىء أقرب إرشادا للناس ، وأظهر حجة من نبأ أهل الكهف.
وقد حقق الله له ذلك ، فآتاه من الآيات ما هو أعظم من ذلك ، كقصص الأنبياء مع أممهم على توإلى العصور ومر الأيام.
وخلاصة ذلك ـ أطمع من ربك أن يهديك لأقرب مما أرشدك إليه خيرا ومنفعة فى ضمن ما ألقى إليك من الأوامر والنواهي ، وقد استجاب الله دعاءه ، فهداه فيما أنزل عليه إلى ما هو خير منفعة ، وأجدى فائدة للمسلمين فى دنياهم وآخرتهم ، وآتاهم من الخير العميم ما جعلهم به خير أمة أخرجت للناس.
ثم بين سبحانه ما أجمل فى قوله : «فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً» فقال :